«ومن حنّثه ذهب : إلى أنّ الله (عز وجل) قال (١) : (وَما كانَ لِبَشَرٍ : أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ ؛ إِلَّا : وَحْياً ، أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً : فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ، ما يَشاءُ) (٢) : (٤٢ ـ ٥١). وقال : إنّ الله (عز وجل) يقول للمؤمنين ، فى المنافقين : (قُلْ : لا تَعْتَذِرُوا ؛ لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ ؛ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ : ٩ ـ ٩٤) ؛ وإنما نبّأهم من (٣) أخبارهم : بالوحى الذي نزل (٤) به جبريل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وسلم) ؛ ويخبرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) : بوحي (٥) الله عز وجل.»
«ومن قال : لا يحنث ؛ قال : لأنّ (٦) كلام الآدميّين لا يشبه كلام الله (عز وجل) : كلام (٧) الآدميّين : بالمواجهة ؛ ألا ترى : أنه (٨) لو هجر
__________________
(آيَتُكَ : أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) ؛ إلى قوله : (بُكْرَةً وَعَشِيًّا : ١٩ ـ ١٠ ـ ١١). فأفهمهم : ما يقوم مقام الكلام : ولم يتكلم. وقد احتج الشافعي : بأن الهجرة محرمة فوق ثلاث ؛ فلو كتب أو أرسل» إلى آخر ما سيأتى.
(١) هذا إلى قوله : بوحي الله ؛ اقتبسه ـ ببعض اختصار ـ فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ٦٣) ؛ وذكر ما بعده إلى آخر الكلام ، وعقبه بحديثي أبى أيوب وأبى هريرة : فى النهى عن الهجرة. وفى طرح التثريب (ج ٨ ص ٩٧ ـ ٩٩) كلام جامع فى الهجرة ؛ فراجعه. وراجع فى السنن الكبرى (ج ١ ص ٣٢) كلام الشافعي فى ذلك
(٢) فى الأم زيادة : «الآية».
(٣) في الأم : «بأخبارهم». وما هنا أحسن.
(٤) فى الأم وبعض نسخ السنن الكبرى : «ينزل». وهو أنسب.
(٥) فى بعض نسخ السنن الكبرى : «بوحي إليه».
(٦) فى الأم والسنن الكبرى : «إن». وهو أحسن.
(٧) كذا بالأم والسنن الكبرى. وهو استئناف بيانى. وفى الأصل : «وكلام». والظاهر أن الزيادة من الناسخ.
(٨) هذا ليس بالأم.