الأطفال كانت الشرائع والعادات تَمنع عنه أشَدَّ المَنع.
وقد روى المُحدِّثون : أنَّ النبي (صلَّى الله عليه وآله) بعث سريَّة ، فقتلوا النساء والصبيان ، فأنكر النبي (صلَّى الله عليه وآله) ذلك عليهم إنكاراً شديداً ، فقالوا : يا رسول ، الله إنَّهم ذراري المُشركين.
فقال : «أوليس خيارُكم ذراري المُشركين؟!» ، وإنَّ خالد بن الوليد ، لمَّا قتل بالغميصا الأطفال ، رفع النبي (صلَّى الله عليه وآله) يديه ، حتَّى رأى المسلمون بياض أُبطيه ، وقال : «اللَّهمَّ إنِّي أبرء إليك مِمَّا صنع خالد». ثمَّ بعث عليَّاً (عليه السّلام) فودَّاهم.
فلم يَعهد ذبح الأطفال بعد ذلك ، إلاَّ ما كان مِن مُعاوية في قتله أطفال المسلمين في الأنبار ، وفي اليمن على يدي عامله بِسر بن أرطاة ، وكان فيمن قتلهم وَلَدان لعبيد الله بن عبّاس (رضي الله عنه) ، وكرَّرت ذلك أشياعه في الطفِّ ، فذبحوا مِن الصِبيَة والأطفال ما ظهروا عليهم ، وظفروا بهم ، بغير رحمة منهم ، ودون أدنى رِقَّة أو رأفة ، والأمر الذي برهن على غُلوِّهم ، في القسوة والفسوق عن الدين ، وأوضح بلا مرآء ولا خفاء ، أنَّ قصد التشفّي والانتقام ، بلغ بهم إلى العزم على استئصال ذُرَّية الرسول (صلَّى الله عليه وآله) ، وقطع نسله ، ومَحو أصله.
أمّا عليُّ بن الحسين العَليل ، فلم يَفز بالنجاة مِن أيديهم العادية بصغر سنِّه ، ولا بتعلُّق عمَّته به قائلة : «لا يُقتَل إلاَّ وأُقتل» ، ولا بشفاعة حميد بن مسلم وإضرابه فيه ، بلْ إنَّما نَجا مِن حَدِّ الحديد ، بشِدَّة مرضه ، وقوَّة عِلَّته ، وضعف أملهم بحياته ، ونجا الحسن بن الحسن باختفائه ، وهو جريح طريح ؛ وفاءً مِن الله بوعده ، وحِفظه لنَسل نبيِّ الرحمة ، بإكثار المُصلحين في الأُمَّة ، وهدايتها بعلوم الأئمَّة.