فمن كان يؤمن بالله ويرجو الثواب يوم
المعاد فليبك على الحسين كما بكى الرسول (صلى الله عليه وآله) عليه مراراً ، وليحزن
عليه كما حزن الرسول (صلى الله عليه وآله) عليه تكراراً ، وليتغيّر لونه كما تغيّر
لون الرسول عليه كثيراً ، ولينكسف باله كما انكسف بال الرسول عليه تعداداً.
وهذا هو مقتضى قوله تعالى : (لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) .
وقال تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ)
.
ومتابعة لقول الحجة من آل محمد (صلى
الله عليه وعليهم أجمعين) : « فلأندبنّك
صباحاً ومساءً ، ولأبكينَّ عليك بدل الدموع دماً
» ، ونحن نقول : أبا عبدالله «
إن لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك ، فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري ،
لبيك أبا عبدالله ».
فقول البعض : (لا نقبل أن نجعل شهر محرم
شهر أحزان) قول يخالف فعل وقول الرسول (صلى الله عليه وآله) وبكاءه وحزنه على
الحسين مراراً وتكراراً في موارد مختلفة وأزمنة متعددة ، منها يوم عاشوراء كما عن
ابن عباس في الأثر الصحيح.
فإذا كان عبدالله بن عمر بن الخطاب
يقتدي به (صلى الله عليه وآله) حتى في موضع قضاء الحاجة ، ويسعى في أن يقع خف
بعيره في الموضع الذي وقع فيه خف بعير رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فالاقتداء
به في البكاء على الحسين (عليه السلام) والحزن عليه أولى وأهم وأصدق.
فعن ابن سيرين قال : كنت مع ابن عمر
بعرفات فلما كان حين راح رحت معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأُولى والعصر ، ثم
وقفت معه أنا وأصحاب لي ،
__________________