والأئمّة المعصومين تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وشدّة الخوف ، وقلّة وكثرة الزائرين ، ومراتب خلوص النيّة والمعرفة عند الزائرين ، مع التأكيد على أنّ زيارة الإمام الحسين غالبا تقترن بالمخاطرة ، لكونه صار رمزا للثورة على الظالمين.
فقد روى شيخ الطائفة رحمهالله في أماليه بإسناده عن عليِّ بن عبدالمنعم ، قال : حدّثني جدّي القاسم بن أحمد بن معمّر الأسديّ الكوفيّ ـ وكان له علم بالسّيرة وأيّام النّاس ـ قال : بلغ المتوكّل جعفر بن المعتصم أنّ أهل السّواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليهالسلام فيصير إلى قبره منهم خلقٌ كثير ، فأنفذ قائدا من قُوّاده وضمّ إليه كَنَفا من الجند كثيرا ليُشَعِّث قبر الحسين عليهالسلام ويمنع النّاس من زيارته والاجتماع إلى قبره.
فخرج القائد إلى الطفّ وعمل بما اُمر ـ وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين ـ فثار أهل السّواد به واجتمعوا عليه وقالوا : لو قُتِلنا عن آخرنا لما أمسك مَن بقي منّا عن زيارته ، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا ، فكتب بالأمر إلى الحضرة ، فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم والمسير إلى الكوفة ، مظهرا أنّ مسيره إليها في مصالِح أهلها ..
فمضى الأمر على ذلك حتّى كانت سنة سبع وأربعين ومائتين ، فبلغ المتوكّل أيضا مصير النّاس من أهل السّواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليهالسلام وأنّه قد كثر جمعهم لذلك وصار لهم سوق كبير ، فأنفذ قائدا في جمع كثير من الجند وأمر مناديا ينادي ببراءة الذّمّة ممّن زار قبره ، ونَبَشَ القبرَ وحرث أرضه ، وانقطع النّاس عن الزّيارة ،