قالوا : مالنا طاقة بما نحن فيه ، فقال ابليس : أليس تذهبون بالحجارة وترجعون فراغاً ؟ قالوا : نعم ، قال : فأنتم في راحة.
فأبلغت الرّيح سليمان ما قال ابليس للشّياطين فأمرهم أن يحملوا الحجارة ذاهبين ويحملوا الطّين راجعين إلى موضعها ، فتراءى لهم إبليس ، فقال : كيف أنتم ؟ فشكوا إليه ، فقال : ألستم تنامون باللّيل ؟ قالوا : بلى ، قال : فأنتم في راحة ، فأبلغت الرّيح سليمان ما قالت الشّياطين وإبليس ، فأمرهم أن يعملوا باللّيل والنّهار ، فما لبثوا إلّا يسيراً حتى مات سليمان عليه السلام.
وقال : خرج سليمان يستسقي ومعه الجنّ والإِنس ، فمرّ بنملة عرجاء ناشرة جناحها رافعة يدها ، وتقول : اللّهم إنّا خلق من خلقك لا غنىً بنا عن رزقك ، فلا تؤاخذنا بذنوب بني آدم واسقنا ، فقال سليمان لمن كان معه : ارجعوا فقد شفع فيكم غيركم. وفي خبر : قد كفيتم بغيركم (١).
فصل ـ ٢ ـ
٢٧٥ ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن يحيى المكتّب ، حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق أبو الطّيب ، حدّثنا عليّ بن هارون الحميري ، حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان النّوفلي ، عن أبيه ، عن عليّ بن يقطين ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام أيجوز أن يكون نبيّ الله بخيلاً ؟ فقال : لا ، قلت : فقول سليمان : « هَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي » (٢) ما وجهه ؟ قال : إنّ الملك ملكان :
ملك مأخوذ بالغلبة والقهر والجور.
وملك مأخوذ من قبل الله تعالى فقال سليمان : هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول : إنّه مأخوذ بالقهر والغلبة فقلت : قول رسول الله صلّى الله عليه وآله : رحم الله أخي سليمان ما كان أبخله فقال : لقوله صلى الله عليه وآله وجهان :
_________________________________
(١) بحار الانوار (١٤ / ٧٢ ـ ٧٣) ، برقم : (١٢). ومن قوله : قال : كان سليمان يأمر ... إلى قوله : حتّى مات سليمان عليه السلام في الجزء (٦٣ / ١٩٥) ، برقم : (٢).
(٢) سورة ص : (٣٥).