إنّ الظلم ، والجور ، وفعل القبيح ، وترك الحسن ، يكون ناشئا إمّا من العجز ، أو النقص ، أو الحقد ، أو البخل ، أو الحسد ، أو الجهل ، أو السفاهة ، أو الإحتياج .. وكلّها محال على اللّه تعالى لأنّه الغني بالذات ، الرؤوف في الصفات ، والعالم القدير ، والحكيم القويّ.
فهو مستغن عن الظلم ، منزّه عن القبيح ، وجليل عن النقص.
وقد ثبت في المنقول ، ودلّت العقول على عدالة اللّه تعالى في جميع أفعاله وأقواله وحكمه وصنعه ومخلوقاته كما ذهبت إليه الإمامية الحقّة.
فهو الغني عن ظلمهم والمتفضّل باللطف إليهم.
كما أنّ جميع أفعاله معلّلة بالحكمة والمصلحة وليست لعبا وعبثا حتّى تخرج عن مسلك العدل ، لأنّه هو الحكيم العليم.
على أنّ المصالح والمنافع في أفعاله راجعة إلى عباده ، وعائدة إلى خلقه فلا تقارن الظلم ، وهو المحسن الجواد ، والرحيم بالعباد ، والعادل في قضيّته وبريّته.
واعلم أنّه في قبال عدالة اللّه تعالى ، الثابتة بالبراهين الجليّة والمعلومة بالأدلّة العقلية ، خالفت الأشاعرة وتجاوزت هذه الحقيقة الهامّة ونسبت إليه إمكان فعل القبيح والظلم الصريح .. أو التكليف بما لا يطاق ، وإتيان العبث والجبر في الأفعال ، وعدم العدل في المآل .. تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا وجميع مفترياتهم هذه تعود إلى أنّه لا يقبح الظلم حتّى يتنزّه عنه اللّه تعالى ، ولا يحسن العدل حتّى يفعله اللّه عزّ اسمه ..
وهذا منهم على أساس إنكار الحسن والقبح العقلي ذاتا ، يعني إنكار أنّ للأشياء في حدّ ذاتها حسنا أو قبحا في نظر العقل .. فلا حسن إلاّ بعد أمر الشارع به ، ولا قبيح إلاّ بعد نهي الشارع عنه ، لذلك لو أمر الشارع بالظلم صار حسنا ولو