المستوفاة فصارت ملكا للمالك ، ولا ريب أنّه مع صيرورة بعض المنافع ملكا له لا يبقى الباقي بعد تحت قابليّة المملوكيّة.
وبعبارة اخرى : إنّ الالتزام بضمان الأعلى في الأوّل إنّما كان لأنّ المالك لمّا يكون مالكا للقدر الجامع من المنافع الّذي ينطبق ذلك بأوّل الوجودات ، ويسقط الباقي عن القابليّة ، فما دام لم يتحقّق ذاك الجامع في الخارج في ضمن أحد المصاديق فللمالك اختيار أيّ فرد منها ، أي اختيار الجامع الّذي كان منشأ اعتباره تملّك المالك إحدى المنافع على البدل في ضمن أيّ فرد من الأبدال ، وأمّا في هذه الصورة ـ وهي عند استيفاء إحدى المنافع ـ فذاك الجامع الّذي كان مملوكا للمالك ؛ والغاصب أيضا ضامن له فقد انطبق على ما أوجده الغاصب في ضمن الفرد ، فيصير الجامع المقيّد بتلك الخصوصيّة ممّا تعلّقت اليد به ، لأنّ بالاستيفاء كانت نفس المستوفى ممّا يجيء تحت اليد فيصير هو المأخوذ دون غيره ، فلا يبقى محلّ لاختيار المالك حتّى يختار الجامع في ضمن غير الفرد المستوفاة.
فالحاصل ؛ أنّه إذا كانت منافع المغصوب متعدّدة ومختلفة في المراتب ، مثل أن يكون العبد صانعا وحمّالا وكاتبا ، ولم يمكن اجتماعها في الوجود والاستيفاء ، فإن لم يستوف الغاصب شيئا منها ، فمقتضى القاعدة ضمانه المنفعة الأعلى ، أي الاختيار يكون بيد المالك ، فلو اختاره يجب عليه ردّ اجرة تلك المنفعة ، وإلّا فإن استوفى شيئا منها فهو ضامن للمستوفى ، سواء كان الأعلى أو المتوسّط أو الأدون.
أقول : بعد تسليم كون المالك سلطانا على المنافع بأجمعها ـ أي بجامعها