فهنا امور أربعة من أنّ القوّة الّتي تعتبر هي القوّة العادية لا ما يقرب إلى افق العصمة ، وأنّ الامور الّتي لا بدّ من أن يجتنب عنها هي أيضا تكون من الامور (١) العادية بحيث يمكن التحرّز عنها لنوع الناس.
وهذان الأمران وجههما واضح ، ضرورة أنّ العدالة هي الأمر الّذي تعمّ به البلوى كما وردت من الترغيبات الكثيرة بالنسبة إلى صلاة الجماعة وكذلك أمر محتاج إليها بالنسبة إلى سائر المقامات لباب الشهادات للمرافعات والطلاق وغيرها ، فحينئذ لا يمكن أن تكون هي أمرا وجودها كالعنقاء ، بل لا بدّ وأن تكون أمرا تناله اليد غالبا ، فهي من حيث الباعث والمنبعث لا مجال لاعتبارها أزيد ممّا هو مجرى العادة ، بأن تكون المعصية ناشئة عن الدواعي العادية ، فحينئذ يضرّ بالعدالة وإن لم يوجب زوال الملكة ، لأنّها بمرّة واحدة من المعصية لا تزول ، وإلّا جعل العدالة مركّبة من أمرين غلط ، بل تكون هي الملكة فقط.
الأمر الثالث : مسألة اعتبار وجود الملكة فعلا بحيث تزول بالمعصية.
والرابع : أنّها تعود بالتوبة ، فهي توجب بقاء عدالة من كان مسبوقا بالملكة لا مطلقا ، كما أنّ قوله عليهالسلام : «التائب عن الذنب كمن لا ذنب له» (٢) ناظر إلى ذلك أيضا.
وبالجملة ؛ فعلى الملازمة الّتي ادّعيناها بين الملكة والاجتناب الفعلي في حقيقة العدالة وحملنا عليها كلمات الأصحاب أيضا ، فالنزاع في أنّها هي الملكة
__________________
(١) وإن كانت المعصية مطلقا توجب زوال العدالة وإن لم تضرّ بالملكة ، وكذلك لا بدّ من التوبة ، كما هو واضح ، «منه رحمهالله».
(٢) وسائل الشيعة : ١٦ / ٧٤ الحديث ٢١٠١٦ و ٧٥ الحديث ٢١٠٢٢.