بقي الكلام في أنّ اقتضاء هذا الحكم التعبّدي هل هو بطلان أصل الصلاة ، أو الجزء فقط لو خولف ، لكون الجزء الّذي سبق به أو تأخّر منهيّا عنه ، أم ليس اقتضاؤه ذلك؟
قد يتوهّم أنّ المقام لمّا كان من باب الضدّ وأنّ التقدّم أو التأخّر لمّا يوجب فوت الواجب الّذي هو الاتّباع ؛ فمقتضى القاعدة بطلان العمل.
وفيه : أنّ ذلك أوّلا اجتهاد في مقابل النصّ ، لما تقدّم ممّا يدلّ على أنّهما لا يضرّان بشيء.
وثانيا : أنّ المقام موضوعا خارج عن مسألة الضدّ رأسا ؛ لما حرّرنا في محلّه من أنّ ضابطه أن يكون فعل أحد الضدّين والاشتغال به يوجب سلب القدرة عن الآخر ، وهذا مفقود هنا ، لمكان بقاء القدرة على الاتّباع فيما إذا تقدّم ، بأن يأتي بما تخلّف عنه ثانيا ، وفيما لو تأخّر أصلا لا يصدق المضادّة ؛ إذ المفروض فوات المتابعة ، فلا مضادّة بالنسبة إلى الفعل الّذي يأتي به الآن مع المتابعة الفائتة.
نعم ؛ بالنسبة إلى ما إذا تقدّم ، لمّا كان الدليل الشرعي قائما على عدم الرجوع والاكتفاء به ؛ فلذلك لا يقدر على الإتيان ثانيا ، وهذا من الغرائب لو كان ذلك وجه عدّ المقام من باب الضدّ.
وبالجملة ؛ خروج المقام عن مسألة الضدّ واضح ، ضرورة أنّه إنّما يكون إذا كان الأمران المكلّف بهما زمانا في عرض واحد ، ولا إشكال أنّ ما نحن فيه من هذه الجهة طوليّان ، فعلى هذا ؛ لا يترتّب على التقدّم أو التأخّر سوى الإثم إذا تعمّد فيهما.