«أما واللهِ لقد تقمّصها ابن أبي قحافةَ
، وإنّهُ ليعلم أنَّ محلّي منها محلُّ القُطبِ من الرّحى ، ينحدِرُ عنّي السّيلُ ،
ولا يرقى إليّ الطيرُ ، فسدلتُ دونها ثوباً ، وطويتُ عنها كشحاً ، وطفقتُ أرتئي
بين أنْ أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياءَ ، يهرمُ فيها الكبيرُ ، ويشيبُ
فيها الصّغيرُ ، ويكدحُ فيها مؤمنٌ حتّى يلقى ربّهُ ، فرأيتُ أنَّ الصّبر على هاتا
أحجى ، فصبرتُ وفي العينِ قذىً ، وفي الحلقِ شجاً أرى تُراثي نهباً.
حتّى مضى الأوّل لسبيلهِ ، فأدلى بها
إلى ابن الخطّابِ بعدهُ (ثمَّ تمثَّل بقول الأعشى) :
شتّان ما يومي على كورها
|
|
ويومُ حيّان أخي جابر
|
فياعجباً بينا هو يستقيلها في حياتهِ!
إذ عقدها لآخر بعدَ وفاتهِ ، لشدَّ ما تشطّرا ضرعيها ، فصيّرها في حوزة خشناءَ ، يَغلُظُ
كَلْمُها ويخشُنُ مسُّها ، ويكثرُ العثارُ فيها ، والاعتذارُ منها ، فصاحبها
كراكبِ الصعبةِ ، إنْ أشنق لها خرمَ ، وإنْ أسلسَ لها تقحَّم ، فُمني النّاس ـ
لعمرُ اللهِ ـ بخبط