شَيْءٌ وَاحِدٌ (١) ، وقِيلَ : إِنَّهُ كانَ من وَرِقٍ ، فكانَ يُكَالُ به ، ورُبَّمَا شَرِبُوا بهِ ، وأَمَّا قولُه تَعالَى : (ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) (٢) فإِنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إِلى السِّقَايَةِ من قوله : (جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) (٣). وقالَ الزَّجّاجُ : جاءَ في التَّفْسِيرِ أَنَّه كانَ إِنَاءً مُسْتَطِلاً يُشْبِه المَكُّوكَ ، كان المَلِكُ يَشْرَبُ به ، وهو السِّقَايَةُ. قالَ : وقِيلَ : إِنَّه كانَ مَصُوغاً من فِضَّةٍ ، مُمَوَّهاً بالذَّهَبِ ، وقيل : إِنَّه كانَ يُشْبِه الطَّاسَ ، وقيلَ : إِنَّه كان مِنْ مِسٍّ (٤).
وِمن المَجَازِ : الصّاعُ : المُطْمَئِنُ من الأَرْضِ كالحُفْرَة ، وقِيلَ : المُطْمَئنُّ المُنْهَبِطُ من حُرُوفِه المُطِيفَةِ به ، قال المُسَيَّب بنُ عَلَسٍ يَصِفُ ناقَةً :
مَرِجَتْ يدَاهَا للنَّجَاءِ كأَنَّمَا |
|
تَكْرُو بكفَّيْ لَاعِبٍ في صَاعِ |
كالصَّاعَةِ ، ومَعْنَى تَكْرُو ، أَي تَلْعَبُ بالكُرَةِ ، وقِيلَ : أَرادَ بصاعٍ أَي بِصاعِ (٥) صَائِعٍ ، ويَعْنِي بالصّاعِ : الصَّوْلَجَان ، لأَنَّه يُعْطَفُ للضَّرْبِ بهِ ، لِتُصاعَ الكُرَةُ بهِ ، ويُرْوَى «بِكَفَّىْ ماقِطٍ» يَعْنِي الَّذِي يَضْرِبُ بالكُرَةِ.
وقيلَ : الصّاعَةُ ، البُقْعَةُ الجَرْدَاءُ ليسَ فِيهَا شَيْءٌ.
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ : الصّاعُ : مَوْضعٌ يُكْنَسُ ، ثُمَّ يُلْعَبُ فِيهِ ، وقَالَ غيرُه : الصّاعَةُ يَكْسَحُهَا الغُلامُ ، ويُنَحِّي حِجَارَتَها ، ويَكْرُو فيه بكُرَتهِ ، فتِلْكَ البُقْعَةُ هي الصّاعَةُ.
وِقال ابنُ فارِسٍ : صاعُ جُؤْجُؤِ النَّعامِ : مَوْضِعُ صَدْرِ النَّعَامِ إِذا وَضَعَتْه بالأَرْضِ ، وقال الزَّمَخْشَرِيُّ : يُقال : ضَرَبَه في صَاعِ جُؤْجُئِهِ ، وفي صَاعِ صَدْرِه ، أَي وَسَطِه ، وهو مَجَازٌ.
وِمن المَجَازِ : الصّاعَةُ : المَوْضِعُ تُهَيِّئُه المَرْأَةُ لنَدْفِ القُطْنِ ، قالَه اللَّيْثُ. وقال ابنُ شُمَيْلٍ : رُبما اتَّخَذَتْ صَاعَةً من أَدِيمٍ كالنِّطع ، لنَدْفِ القُطْنِ والصُّوفِ عليه ، وقد صَوَّعَتِ المَوْضِعَ تَصْوِيعاً ، إِذا هَيَّأَتْه وسَوَّتْه.
وِصُعْتُهُ ، بالضَّمِّ ، أَصُوعُه صَوْعاً : كِلْتُه بالصّاعِ ، يُقَالُ :هذا طَعَامٌ يُصَاعُ ، أَي يكالُ.
وِصُعْتُ الشَّيْءَ : فَرَّقْتُه. وهو مَجَازٌ ، فانْصَاعَ.
وِصُعْتُه خَوَّفْتُه وأَفْزَعْتُهُ. ولو اقْتصَرَ على أَحَدِهما كانَ أَخْصَرَ ، وفي المُحِيطِ : صَاعَهُ ، أَي أَفْزَعَه.
وِمن المَجازِ : صُعْتُ الأَقْرانَ وغَيْرَهُم : أَتيْتُهم من نَوَاحِيهِم ، وفي العُبَابِ والصّحاح : يَصُوعُ الكَمِيُّ أَقْرَانَه ، إِذا أَتاهُم مِنْ نَوَاحِيهِم ، وفي التهذيب : صاعَ الشُّجاعُ أَقْرَانَه ، والرَّاعِي مَاشِيَتَه ، يَصُوع : جَاءَهُم مِنْ نَوَاحِيهِم. وفي بَعْضِ العِبَارَةِ : حَازَهُم من نَوَاحِيهِم ، حَكَى ذلِكَ الأَزْهَرِيُّ عن اللَّيْثِ ، وقالَ : غَلِطَ اللَّيْثُ فيما فَسَّرَ. ومَعْنَى :«الكَمِيّ يَصُوع أَقْرَانَه» أَي (٦) يَحْمِلُ عليهم ، فيُفَرِّق جَمْعَهُم.
وقالَ : وكذلِكَ الرّاعِي يَصُوعُ إِبِلَهُ ، إِذا فَرَّقَهَا في المَرْعَى ، قال : والتَّيْسُ إِذا أُرْسِلَ في الشّاءِ (٧) صَاعَهَا ، إِذا أَرادَ سِفَادَها. والرَّجلُ يصوعُ الإِبلَ ، والتَّيْسُ يَصُوعُ المَعِزَ.
وِصَاعَ الغَنَمَ يَصُوعُها صَوْعاً : فَرَّقَها ، قال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ :
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمٌ |
|
له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَرِيمُ |
أَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ المِصْرَاعَ الأَوَّلَ ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ والصّاغَانِيُّ : البَيْتُ للمُعَلَّى بن جَمَالٍ العَبْدِيّ ، زادَ الأَخِيرُ :
وِجَاءَتْ خُلْعَةٌ دُهْسٌ صَفَايَا
يَصُوعُ .. إِلى آخِرِه ، وقد ذكر في «د هـ س».
قلتُ : وقد تَبع ابنُ القَطّاعِ والزَّمَخْشَرِيُّ اللَّيْثَ ، فجَعَلَا الصَّوْعَ من الأَضْدادِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : الرّاعِي يَصُوعُ إِبِلَهُ ،
__________________
(١) ورد في التفسير الكبير للرازي ١٨ / ١٧٨ «أما السقاية فقال صاحب الكشاف : مشربة يسقى بها وهو الصداع ، قيل : كان يسقى بها الملك ثم جعلت صاعاً يكال به ، وهو بعيد لأن الإناء الذي يشرب الملك الكبير منه لا يصلح أن يجعل صاعاً ، وقيل كانت الدواب تسقى بها ويكال بها أيضاً وهذا أقرب ، ثم قال : وقيل كانت فضة مموهة بالذهب ، وقيل كانت من ذهب ، وقيل كانت مرصعة بالجواهر وهذا أيضاً بعيد لأن الآنية التي سقى الدواب فيها لا تكون كذلك ، والأولى أن يقول : كان ذلك الاناء شيئاً له قيمة أما إلى هذا الحد الذي ذكروه فلا.
(٢) سورة يوسف الآية ٧٦.
(٣) سورة يوسف الآية ٧٠.
(٤) المس : النحاس ، وبهامش اللسان : «قال ابن دريد لا أدري أعربي هو أم لا. قلت : هي فارسية والسين مخففة».
(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل : أي صاع.
(٦) في التهذيب : إذا حمل بعضهم على بعض أو أن يحمل عليهم فيفرق جمعهم.
(٧) عن التهذيب واللسان وبالأصل «الشاة».