السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ) (١).
إنّ مواقف الإنسان تتنوّع بتنوّع القيم التي يحملها ، فهناك من يرىٰ الدنيا قيمة كلّها ، وآخر يستلهم من الآخرة موقفه في العمل ، وبذلك تتضارب المصالح تختلف الآراء ، وربما تنسحب علىٰ ذلك تبعات يصعب التكهّن بنتائجها المعقّدة ، ولبيان دور العقيدة الحقيقية في صياغة الموقف ومنطق التعامل مع مفردات المجتمع ، جاء هذا المثل حاكياً عن صاحب ثروة طائلة ورثها عن أبيه ، فاشترىٰ بها جنّتين ، وقد زرعتا بأشجار الكرم ، وأحاط بها النخل ، وكل منها مثمر ، إلىٰ جانب الزرع الذي بين الخيل والأعناب ، وقد تفجّر وسطهما نهر يسقيهما ويمدّهما بالحياة والثمر ، ولم تتخلّف كلتا الجنّتين عن الأثمار الكاملة ولم تنقص منها شيئاً. وإنّ صاحب هذه الثروة صادف رجلاً فقيراً ، وقيل إنه أخوه ، الفقير الذي تصدّق بكلّ ما ورثه من أبيه حتّىٰ مسّته الحاجة ، فدخلا في هذا الحوار الذي يكشف عن عمق القيم وقوة العقيدة في جانب ، والسطحية والضعف في الجانب الآخر ، إن صاحب الثروة أصابه الغرور ، وأخذ يستلهم قوّته من ثمر جنّته ، فأخذ ينطق بالغرور الطافي علىٰ قلبه ، فقال لصاحبه :
١ ـ أنا أكثر منك مالاً وأقوىٰ أنصاراً وحشماً.
_______________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٣٢ ـ ٤٤.