والزينة ، والتفاخر ،
والتكاثر » وهذه الخصال تضفي علىٰ دنيا الناس حركة ، ولكن أيّة حركة هذه ؟ إنّها الانشغال والانقطاع للدنيا ، فتخدع مريديها وتشغلهم ، وتسرق وقتهم ، وتأسرهم في أعمال تبعدهم عن الصواب وسلامة المنقلب ، والملاحظ في هذه الصفات أنّها تستغرق حياة الناس ، فقد يبدأ الإنسان فيها لاعباً وينتهي ميّالاً للتكاثر في الأموال والأولاد ، مسروراً بأسباب اللهو والزينة والتفاخر.
ومن أجل بيان هذه الحقيقة والخطر الكامن
فيها ضرب القرآن الكريم مثلاً حياتياً يمرّ به الناس كلّهم ، ويرونه بأعينهم ، فالحياة الدنيا كالمطر النازل
الذي يثير الأرض ويهيجها ، فيعجب نباته الزارعين ، وبعد ذلك يصفر وتزول نضارته ، ثم يصير هشيماً يابساً متكسّراً تذروه الرياح ، فلا يثبت أمام الناظرين ، ويتلاشىٰ ذلك الوجود بسرعة فلا ينفعهم اعجابهم ، قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام
: «
إن أقبلت غرّت ، وإن أدبرت ضرّت »
.
إنّ ضرب هذا المثل يثير في النفوس خطر
هذه الدنيا وحقارتها وسرعة زوالها ، ثم تذكر الآية أن هناك عذاباً شديداً ينتظر أتباع الدنيا ومريديها ومحبّيها ، بينما المغفرة والرضوان لمن يجعل الدنيا طريقاً للعمل الصالح ويعيش فيها عبداً مطيعاً لله ولا يتأثّر بخصالها الباطلة ، ثم تذكر الآية أن الدنيا متاع
لا يدوم ، وهو مبني علىٰ غرور لا يستند إلىٰ حقيقة عملية ، وهذا نوع
انسجام بين بداية الآية وخاتمتها ، وعلىٰ المرء ان يستحضر علىٰ الدوام هذا المعنىٰ
الذي يكشف عن حقيقة الدنيا من خلال تعامله مع عقيدته ونفسه والمجتمع ، من أجل أن تكون ضابطاً واعياً لكل مواقفه وممارساته العملية.
_______________________