إلا أن مثل هذه السياسة المتشددة التي أقدم
عليها العباسيون لم تَحُلْ دون نجاح الدعوة الفاطمية ، وإنّما ازداد اقبال الناس
عليها ، حتى في عاصمة الخلافة العباسية نفسها ، وقد تضاعف هذا الإقبال بشكل أشد بعد
انتزاع البساسيري بغداد من أيدي العباسيين ودعوته الناس بشكلٍ علني للخليفة
الفاطمي وذلك سنة ٤٥٠ ه ، حيث خطب للمستنصرباللّه.
وقبل ذلك كان داعي الدعاة الفاطمي هبة
الله الشيرازي
يعمل لتكوين جبهةٍ معارضةٍ للعباسييّن من أُمراء العرب والأكراد ، فخلع عليهم
الخلع الفاطمية النفيسة التي لم يشاهدوا لها مثيلاً ، كما واستطاع الشيرازي هذا أن يضم
إبراهيم
أخاطغرلبك إلى الفاطميين .
وبهذا اشتد الصراع السياسي ، ولم يكن
بمقدور السلطة القائمة انذاك السيطرة على الموقف ، وفي سنة ٤١٦ ه كثرت أعمال
السلب والنهب ، وقد زاد من سوء الأوضاع سيطرة الأتراك على بغداد عام ٤١٧ ، فاكثروا
مصادرات الناس ، وعظم الخطب ، وزاد الشر
، واستمرت الحالة في التردي حتى وصلت أوجها عندما استولى السلاجقة الذين كانوا يمتازون
بالتطرف والانحياز لصالح الاتجاه السلفي على بغداد عام ٤٤٧ ه ، فاسرفوا في البطش
والإرهاب بكل من خالف مذهبهم ، وعاش العراقيون أشد سنيهم بين عامي ( ٤٤٧ و ٤٤٩ ه )
، حيث عمت المجاعة ، وكثر الغلاء ، وأكل الناس الميتة ، ولحقهم وباء عظيم ،
فكثرالموت ، حتى دفن الموتى بغير غُسلٍ ولاتكفين بعد أن عجز الناس عن دفن موتاهم ،
__________________