ولم يكتف بالنقل في تفسيره وانما اعمل
عقله في استنباط الراي السديد وفن الذهنية الإسلاميّة ، ذات الطابع الشمولي التي
تميز بها الطوسي باعتباره فقيهاً مجتهداً وعالماً متكلماً.
٨. اعتمد الآيات القرآنية الكريمة ، لكي
يفسر بها آيات اخر ، وفن منهج التفسير القائل بان القرآن يفسر بعضه بعضاً ، ويشهد
بعضه على بعض ، كما واعتمد السياق القرآني ، ونظم الآيات في احيانٍ كثيرةٍ ،
ليستنبط منها رايا او يستخرج منها معنى.
٩. استعان المفسر باسباب النزول
باعتبارها قرائن حاليةٍ ، يمكن ان توضح معنى النص القرآني ، وتسهم في توجيهه وجهةً
اكثر دقة ، وضمن هذا المنهج لم يكن المفسر ليقبل كل ماروي في اسباب النزول ، وانما
كان يقف موقف الفاحص الخبير ليرفض مايرى ضرورة رفضه ويقبل ماتطمئن إليه نفسه ، ويرجح
مايراه مناسباً بعد تدقيقٍ وتمحيصٍ ، وبحثٍ واستقصاءٍ يتم عن روح علمية عاليةٍ
وموضوعيةٍ جديرةٍ بالثناء.
١٠ ـ اما بالنسبة للجانب اللغوي ، فقد راينا
الشيخ الطوسي لغويّاً ونحوياً بكل ما في الكلمة من معنى ، حيث كان يسرد اراء
اللغويين والنحاة ، ثم ياتي عليها لينسف ماينسف منها بدليل ، ويثبت مايثبت منها
بحجّةٍ وبرهانٍ ، وكان يطرح رايه الواضح المتميز والمغاير لاراء غيره من أهل اللغة
والنحو بجراةٍ عظيمةٍ تنبئ عن وجود ثقافة لغويةٍ ونحويةٍ ضخمةٍ تؤهله ان يكون في
مصاف علماء النحو واللغة ، اما بالنسبة للقراءات فلم يستنكر على احدٍ من القراء
قراءته ، وانما كان يقول : بجواز القراءة بما يتداوله القراء ، ولذلك يطرح اراءهم
جميعا في تبيانه ، وان كان يرجح بعض القراءات على البعض الاخر.
١١. اما موقفه من الشعر والشعراء ، فكان
سلبيا حيث يقول :
|
ولولا عناد الملحدين وتعجرفهم لما احتيج
إلى الاحتجاج بالشعر وغيره ، للشيء المشتبه في القرآن ، لان غاية ذلك ان يستشهد
عليه ببيت شعر جاهلي ، او لفظ منقول عن بعض الاعراب ، او مثل سائر عن بعض أهل
البادية ، ولاتكون منزلة النبي صلىاللهعليهوآله ـ وحاشاه من ذلك ـ اقل من منزلة واحد من هؤلاء.
|
ورغم قناعة المفسر بعدم جواز الاحتجاج
بشعر الشعراء على القرآن ، الا انه استشهد