والشَّرّانُ ، ككَتّان ، دَوَابُّ كالبَعُوضِ (١) يَغْشَى وَجْهَ الإِنسان ولا يَعَضُّ ، وتُسمِّيه العَربُ الأَذَى ، واحدَتُها شَرّانَةٌ ، بهاءٍ ، لغةٌ لأَهْلِ السّوادِ ، كذا في التهذيب.
والشَّرَاشِرُ : النَّفْسُ ، يقال : أَلْقَى عليه شَرَاشِرَه ، أَي نَفْسَه ، حِرْصاً ومحَبَّة ، كما في شَرْح المصنِّف لديباجَةِ الكشّاف ، وهو مجَازٌ.
والشَّرَاشِرُ : الأَثْقَالُ ، الواحد شُرْشُرَةٌ (٢) ، يقال : أَلْقَى عليه شَرَاشِرَهُ ، أَي أَثْقَالَه.
ونقلَ شيخُنا عن كشْفِ الكَشّاف : يقال : أَلْقَى عليهِ شَرَاشِرَه ، أَي ثَقْلَه وجُمْلته ، والشَّراشِرُ : الأَثقال ، ثم قال : ومن مَذْهَبِ صاحب الكَشّاف أَن يَجْعَلَ تَكَرُّر الشيْءِ للمُبَالَغَةِ ، كما في زَلْزَلَ ودَمْدَم ، وكأَنَّه لِثقَلِ الشَّرِّ في الأَصل ، ثم استعمل في الإِلْقاءِ بالكليّة شَرّاً كان أَو غيره. انتهى.
قال شيخُنا : وقوله ومن مذْهب صاحبِ الكَشّاف إِلى آخرِه ، هو المشهور في كلامه ، والأَصل في ذلك لأَبي عليِّ الفارسِيّ ، وتلميذِه ابن جِنِّي ، وصاحبُ الكَشّاف إِنما يَقْتدي بهما في أَكثر لُغَاتِه واشتقاقاتِه ، ومع ذلك فقد اعترضَ عليه المصنِّف في حَوَاشِيه على دِيبَاجَةِ الكَشّاف ، بأَن ما قاله غيْرُ جَيِّد ؛ لأَنّ مادة شرشر ليست موضوعة لضِدِّ الخَيْرِ ، وإِنّمَا هي موضوعة للتَّفَرُّقِ والانتشار ، وسُمِّيَت الأَثقال لتفرّقِهَا. انتهى.
والشَّراشِرُ : المَحَبَّة ، وقال كُراع : هي مَحَبَّةُ النَّفْس.
وقيل : هي جَمِيعُ الجَسَدِ وفي أَمثالِ الميدانيّ : «أَلقَى عليه شَرَاشِرَهُ وأَجْرانَه وأَجْرَامَه» كُلُّهَا بمعنًى.
وقال غيره : أَلقى شَرَاشِرَه : هو أَن يُحِبَّه حتَّى يَسْتَهْلكَ في حُبِّه.
وقال اللِّحْيَانيّ : هو هَوَاهُ الذي لا يُريدُ أَن يَدَعَه من حاجتِه ، قال ذو الرُّمَّة :
وكائنْ تَرَى من رَشْدَة في كَرِيهَةٍ |
ومنْ غَيَّةِ تُلْقَى عليها الشَّرَاشرُ |
قال ابنُ بَرّيّ : يُريدُ : كم تَرَى من مُصِيب في اعتقادِ ورَأْي ، وكم تَرَى من مُخْطِئ في أَفْعَاله وهو جادٌّ مجتهدٌ في فِعْلِ ما لا يَنْبَغِي أَن يُفْعَلَ ، يُلْقِي شَراشِرَه على مَقَابِحِ الأُمورِ ، ويَنْهمِكُ في الاستكْثَارِ منها. وقال الآخَرُ :
ويُلْقَى عليهِ كلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ |
شَرَاشِرُ من حَيَّىْ نِزَار وأَلْبُبُ (٣) |
الأَلْبُبُ : عُروقٌ مُتَّصِلَة بالقلْب ، يقال أَلقَى عليه بَنَاتِ أَلْبُبِه (٤) إِذا أَحبّه ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
وما يَدْرِي الحَرِيصُ عَلَام يُلْقِي |
شَرَاشِرَه أَيُخْطئُ أَم يُصِيبُ |
والشَّرَاشِرُ من الذَّنَب. ذَبَاذِبُه أَي أَطرَافُه ، وكذا شَراشِرُ الأَجنحة : أطرافُها ، قال :
فَقَويْنَ (٥) يسْتَعْجِلْنَه ولَقِينَه |
يَضْرِبْنَه بشَرَاشِرِ الأَذْنابِ |
قالوا : هذا هو الأَصلُ في الاستعمال ، ثمّ كُنِيَ به عن الجُملة ، كما يقال أَخَذَه بأَطْرافِه ، ويمَثّل به لمن يَتَوَجَّه للشيْءِ بكُلِّيَّته ، فيقال : أَلْقَى عليه شَرَاشِرَه ، كما قاله الأَصمعيّ ، كأَنَّه لَتَهَالُكِه طَرَحَ عليه نَفْسَه بكلِّيَّتِه ، قال شيخُنَا ـ نقلاً عن الشهاب ـ وهذا هو الذي يَعْنُون في إِطْلاقه ، ومُرَادُهم : التَّوَجُّهُ ظاهراً وباطناً ، الواحدة شُرْشُرَةٌ ، بالضّم ، وضبطه الشِّهاب في العِنَايةِ في أَثناءِ الفاتحة بالفَتْحِ ، كذا نقله شيخُنا.
وشَرَاشِرُ ، بالفتح : ع.
وشَرْشَرَه : قَطَّعَه وشَقَّقَهُ ، وفي حديث الرُّؤْيَا : «فيُشَرْشِرُ بشِدْقِه (٦). إِلى قَفَاه».
قال أَبو عبيد : يعني يُقَطِّعه ويُشَقّقُه ، قال أَبو زُبَيْد يصفُ الأَسَدَ :
يَظَلُّ مُغِبَّا عندَه مِن فَرَائِسٍ |
رُفَاتُ عِظَامٍ أَو عَرِيضٌ مُشَرْشَرُ |
__________________
(١) التهذيب : شبه البعوض.
(٢) الأصل والصحاح واللسان بضم المعجمتين ، وبهامش اللسان : «وضبطه الشهاب في العناية بفتحهما» وسيرد قوله قريباً.
(٣) في الصحاح ونسبه للكميت وصدره فيه :
وتلقى عليه عند كل عظيمةٍ
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «ألبب».
(٥) في الأساس : «فعوين» ، نسب البيت لابن هرمة.
(٦) عن اللسان ، وبالأصل «شدقه».