ولم نَسمَعْهم قَطّ وَصَفوا بِسُعْدى ، وإِنما هذا تَلاقٍ وَقَعَ بين هذَيْنِ الحَرْفين المُتَّفِقَيِ اللَّفْظِ ، كما يَقَع هذانِ المِثالانِ في المُخْتَلِفَة نحو أَسْلَمَ وبُشْرَى.
وفي الصحاح : وفي المثلِ قولهمٌ : أَسَعْدٌ أَم سعيدٌ» ، كأمِير هكذا هو مضبوط عندنا. وفي سائر الأُمهات اللغَوية : كزُبَيْرِ (١) ، وهو الصواب ، إِذا سُئِلَ عن الشَّيْءِ أَي هو مما يُحَبُّ أَو يُكْرَهُ.
وفي خُطْبَة الحَجَّاجِ : «انْج سَعْدُ فقد قُتِلَ سُعَيْدٌ» هذا مَثَلٌ سائِر وأَصْله أَن ابْنَيْ ضَبَّةَ بنِ أُدٍّ خَرجَا في طَلب إِبِلٍ لهما فَرَجَعَ سَعْدٌ وفُقِدَ سُعَيْدُ فَكان ضَبَّةُ إِذا رَأَى سَوَاداً تَحْتَ اللَّيْل قال : «أَسَعْدٌ أَم سُعَيْدٌ» هذا أَصْل المَثَلِ فأُخِذ ذلك اللَّفْظُ منه ، وصار (٢) يُتَشَاءَمُ به ، وهو يُضرَب مَثَلاً في العِنَايَة بذِي الرَّحِمِ ، ويُضْرَب في الاستخبارِ عن الأَمْريْنِ : الخَيْرِ والشَّرّ ، أَيهما وَقعَ. وهو مَجَاز.
ويقال بَرَكَ البَعِيرُ على السَّعْدَانَةِ ، وهي كِرْكِرَةُ البَعِيرِ ، سُمِّيَت لاستدارتها.
والسَّعْدَانَةُ : الحَمَامَةُ قال :
إِذا سَعْدانَةُ السَّعَفَاتِ ناحَتْ |
|
عَزاهِلُهَا سَمِعْتَ لها حَنِينَا (٣) |
أَو السَّعْدانَةُ اسمُ حَمَامَة خاصَّة ، قاله ابن دُرَيْد ، وأَنشد البيت المذْكورَ (٤).
قال الصاغانيّ : وليس في الإِنشاد ما يَدُلّ على أَنَّها اسمُ حمامةٍ ، كأَنَّه قال : حَمامةُ السَّعَفَات (٥) ، اللهُمَّ أَن يُجْعَلَ المضافُ والمضافُ إِليه اسماً لحَمامةٍ ، فيقال : سَعْدانةُ السَّعَفاتِ (٣) : اسمُ حَمَامَة.
ويقال : عَقَدَ سَعْدَانَةَ النَّعْلِ ، وهي : عُقْدَةُ الشِّسْعِ السُّفْلَى مِمَّا يَلِي الأَرْضَ والقِبَالَ ، مِثْل الزِّمامِ ، بين الإِصْبَعِ الوُسطَى والتي تَليها.
والسَّعْدَانةُ من الاسْتِ : ما تَقَبَّضَ من حِتَارِهَا ، أَي دائِر الدُّبُرِ ، وسيأْتي.
والسَّعْدَانة من المِيزانِ : عُقْدَةٌ في أَسْفَلِ كِفَّتِهِ ، وهي السَّعْداناتُ.
والسَّعْدانَات أَيضاً : هَنَاتٌ أَسْفَلَ العُجَايَةِ ، بالضّمّ ، عَصَب مُرَكَّب فيه فُصُوصٌ من عِظَام ، كما سيأْتِي ، ومنهم من ضَبَطَه بالموحَّدة ، وهو غَلَطٌ كَأَنَّهَا أَظْفَارٌ.
ويقال : شَدَّ اللهُ عَلَى ساعِدِكَ وسواعِدِكُم ، ساعِدَاكَ : ذِرَاعاكَ ، والساعِد : مُلْتَقَى الزَّنْدَيْنِ من لَدُنِ المِرْفَقِ إِلى الرُّسْغِ. والساعِدُ : الأَعْلَى من الزَّنْدَيْن في بعْضِ اللغَات ، والذِّراعُ : الأَسفلُ منهما.
قال الأَزهريّ : والسَّاعِدُ : ساعِدُ الذِّراع ، وهو ما بَيْنَ الزَّنْدَيْنِ والمِرْفَق ، سُمِّيَ ساعِداً لمُسَاعدَته الكَفَّ إِذا بَطَشَتْ شَيْئاً (٦) ، أَو تناوَلَتْه ، وجمْع السّاعدِ : سَواعِدُ.
والسَّاعِدانِ من الطائِرِ : جَنَاحَاهُ يَطِير بهما ، وطائِرٌ شَدِيدُ السواعِدِ ، أَي القوادِمِ ، وهو مَجَاز.
والسَّوَاعِدُ : مَجَارِي الماءِ إِلى النَّهْر أَو إِلى البَحْر.
وقال أَبو عَمرو : السواعِدُ : مَجارِي البَحْرِ الّتي تَصُبّ (٧) إِليه الماءَ ، واحدُهَا ساعِدٌ ، بغير هاءٍ.
وقال غيرُهُ : الساعِدُ مَسِيلُ الماءِ إِلى الوادِي والبَحْرِ.
وقيل : هو مَجْرَى البَحرِ إِلى الأَنهار. وسَوَاعِدُ البِئرِ : مخَارِجُ مائِها ومَجَارِي عُيُونِها.
والسَّواعِدُ : مَجَارِي المُخِّ في العَظْمِ (٨) ، قال الأَعْلَم يَصف ظَلِيماً :
على حَتِّ البُرَايَةِ زَمْخَرِيّ ال |
|
سَّواعِدِ ظَل في شَرْيٍ طِوالِ |
__________________
(١) في القاموس : «سُعَيْدٌ» أي كزبير ضبط قلم. ومثله في الصحاح واللسان والأساس.
(٢) الصحاح واللسان : وصار مما يُتشاءم به. [وفي القاموس : مضار.]
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «العزاهل جمع ، عزهل كزبرج وجعفر وهو ذكر الحمام كما في القاموس».
(٤) انظر الجمهرة ٢ / ٢٦٢.
(٥) في التكملة : الشعفات.
(٦) كذا بالأصل والتهذيب واللسان ونبه بهامش المطبوعة المصرية إلى رواية اللسان ، وقال : والظاهر بطشت بشيء.
(٧) عن التهذيب وبالأصل «يصب».
(٨) التهذيب واللسان : العظام.