الشرط ، وأمّا في المحرّمات والواجبات يكون الحكم فيها اقتضائيّا أو غير ذلك ، فلا يقتضي الجمع ، بل لا بدّ من تقديمها أو الرجوع إلى استصحاب حكم قبل الاشتراط.
فالتحقيق أن يقال : إنّ الباب يكون من باب التزاحم ، فلمّا يكون دليل المباحات وحكمها لا اقتضائيّا ، ودليل الشرط عن اقتضاء ، فيرجّح ذلك عليها ، ويقدّم الشرط عليها ؛ لكون المناط فيه أقوى ، بخلاف دليل المحرّمات والواجبات ، فيتزاحمان فيسقطان ، ويرجع إلى الاستصحاب ؛ لعدم اقتضاء الجمع فيها شيئا.
ولكن يرد عليه قدسسره بأنّه التزم بالجمع العرفي أيضا بين أدلّة الحرج والضرر ، وأدلّة المحرّمات والواجبات في باب التعارض (١) ، فلا يثمر هذا التحقيق أيضا.
فنقول : الحقّ يظهر بعد ذكر مقدّمة ، وهي أنّه قد يجعل ذات موضوعا لحكم ملحوظا فيها جميع الحالات المتضادّة ، بحيث مع كلّ واحد منها لو لم يكن الآخر يرجع إلى واجب مشروط ، ومرجع ذلك إلى عدم كون الذات بنفسها علّة للحكم ، بمعنى أن يكون نفس الذات فيها مصلحة تامّة مقتضية بنفسها ؛ لكونها تمام المناط لحكم الشارع ، ولا يكون لشيء آخر له مدخليّة أصلا.
ولا خفاء أنّ الواجبات والمحرّمات يكون كذلك ، فإنّ الشارع لاحظ فيها ذات الخمر مطلقا ، مع اجتماعه مع كلّ واحد من العناوين المتضادّة إجمالا أو تفصيلا ، وحكم بكونها حراما.
وكذلك الصلاة ، وحكم بوجوبها كذلك ، فلمّا كان تمام المقتضي فيها نفس
__________________
(١) لاحظ! المكاسب : ٦ / ٢٧.