وإذا حرمت
الهديّة حرم الجعل والإجارة بطريق أولى.
وكذا الشهيد في
«اللمعة» تعرّض لحكم الجعل والإجارة دون الرشوة حيث قال : (ولا يجوز الجعل والاجرة
من الخصوم).
وفي «الشرح» : (ولا
من غيرهم لأنّه في معنى الرشا) .
فلم يتعرّض
لحكم الرشوة ، لكونه من الواضحات ، فلم يحتج إلى البيان ، وإنّما المحتاج إلى
البيان حكم الجعل والإجارة ، لوقوع الخلاف فيهما ، كما عرفت.
والسرّ في عموم
التحريم هنا أنّ القضاء والحكم وظيفة إلهيّة أوجبه الشارع عينا أو كفاية ، لا يصحّ
أخذ الاجرة عليه ، لا لمجرّد الوجوب ـ لما سيجيء من عدم منع ذلك من جواز أخذ
الاجرة ـ بل لكونه وظيفة إلهيّة يجب عليه تعالى إيصاله إلى عباده ، فالنفع واصل من
الله تعالى إلى خلقه ، والعمل موهوب منه تعالى إليهم ، فلا يجوز أخذ العوض لمثل
هذا العمل.
هذا ؛ مع أنّ
معرفة الحقّ إنّما يكون مع خلوّ الشخص عن الميل إلى أحد الجانبين.
ثمّ إنّ ما ذكر
إنّما هو بالنسبة إلى الحاكم المنصوب ، وأمّا بالنسبة إلى الجائر ، فلعدم مشروعيّة
عمله ، وعدم ماليّته.
نعم ؛ يجوز أخذ
الاجرة لتحصيل الحقّ بعدم حكم الحاكم المنصوب إذا توقّف على عمل له اجرة في
العادة.
ثمّ الفرق بين
الهديّة والرشوة ـ على ما ذكرنا ، مع كونهما معا مدفوعين ، لا
__________________