فحينئذ ؛ لا يمكن أن يصير الأدلّة العامّة مثل قوله : «إلّا ما خالف» .. إلى آخره ، رادعة. بل ما نحن فيه نظير السيرة الثابتة للعقلاء على العمل بخبر الواحد الغير المفيد للعلم.
مع أنّ العمومات الناهية عن العمل بالظنّ بمرأى ومنظرهم ، لأنّ رادعيّة تلك العمومات يتوقّف على أن لا يكون هذه السيرة ممضاة عند الشارع ، وإلّا يخرج عن كونه ظنّا ، ويصير علما تنزيلا.
فلو كان ردع الشارع وعدم إمضائه موقوفا عليها وشمولها للمورد يصير دورا ، كما لا يخفى ، فتأمّل فإنّ المسألة غير خالية عن الإشكال.
فالتحقيق ؛ أن يقال ـ بعد ظهور الأمر في أنّ الخيار من سنخ الحقوق القابلة للإسقاط ـ : إنّ شرط سقوطه بمعنى عدم ثبوته ليس مخالفا لدليل الخيار ، من جهة أنّ منافاته موقوف على أن يكون الخيار أمر ثبوته وبقائه وعدمه كذلك بيد الشارع مطلقا كالحكم ، بحيث لا يكون للمكلّف اختيار فيه.
ولكن لا شكّ في أنّ الأمر ليس كذلك بدليل جواز إسقاطه ، بل ما هو المجعول بدليل الخيار عبارة عن أمر تعليقيّ ، بمعنى أنّه وإن كان الدليل يقتضي ثبوته منجّزا وأصل الجعل والمجعول ثابت في البيع مطلقا إلّا أنّ حقيقة المجعول نحو اعتباره من الامور التعليقيّة بقاء وحدوثا معلّق على عدم إعدام من قبل ذي الخيار بشرط أو غيره ، ومعلوم أنّ الدليل على ثبوت المعلّق لا يقتضي حفظ المعلّق عليه.
وإن شئت قلت : إنّ الخيار من الامور الّتي يكون حفظه بيد الشارع من جهة لا من جميع الجهات ، بخلاف الحكم ، فثبوته التنجّزي حدوثا وبقاء متفرّع