من سائر العمومات التي لم يذكر فيها ذاك المخصّص أيضا كذلك ، وذلك بعد اشتراكها مع عموم تلك الآية المباركة في المفاد والمؤدّى ، وأنّها أجمعها مثبتات بمعنى واحد وهو إمضاء المعاملات العرفيّة المقتضي لصحّتها.
وأمّا ثالثا : فلأنّ محصّل ما أفاده قدسسره يرجع إلى تأسيس الأصل في كلّ شرط ، وأنّ الأصل فيه هو التأخّر ، ضرورة ؛ أنّ مقتضى ما أفاده هو عدم استفادة اعتبار تقارن الرضاء مع العقد ، بل الدليل الدالّ على اعتباره يدلّ على أصل اعتباره في الجملة ، وعند الشكّ في اعتبار تقارنه يدفع اعتباره بالأصل ، فيكون شرطا ولو مع التأخّر.
ولا يخفى أنّ فتح هذا الباب لإبداع احتمال تأخّر كلّ شيء شرط من شروطه ، وهذا وإن كان ممكنا في نفسه ، إلّا أنّه بعيد في الغاية ، بل طبع اشتراط كلّ شيء يقتضي اعتبار مقارنته مع المشروط ، وهو الأصل فيه ، إلّا أن يقوم الدليل على الاكتفاء بالوجود المتأخّر أيضا.
هذا تمام الكلام في التقريب الأوّل مع ما فيه.
وأمّا الثاني : ـ أي التقريب على مسلكنا ـ فبيانه يتوقّف على مقدّمة وهي : أنّه لا إشكال أنّ باب العقود والإيقاعات إنّما هو باب الإيجاد والإنشاء ، لكنّ الإيجاد ذات تنقسم على قسمين :
فمنها : ما يتعلّق بالامور الخارجيّة الّتي موطن وجودها وعالم تحقّقها هو الخارج.
ومنها : ما يتعلّق بالامور الاعتباريّة الّتي لا وعاء لوجودها إلّا عالم الاعتبار.