بالزمان المتأخّر ، فإنّ الزمان حينئذ قيد للفعل ، لا لأصل النسبة ، وذلك كما في الأمر بالحجّ قبل الوقت ، والأمر بالصوم من أوّل الليل.
والواجب حينئذ يسمّى عندهم معلّقا لا مشروطا ، ويفترقان بعدم وجوب المقدّمات قبل تحقّق المعلّق عليه في الأوّل دون الثاني ، وذلك لظهور عدم تنجّز الأمر قبله حينئذ في الأوّل وتنجّزه في الثاني.
ونظير هذه التفرقة ما ذكره الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ في باب الوكالة من التفرقة بين تعليق إنشاء الوكالة بأمر متأخّر فتبطل ، وبين تعليق الفعل الموكّل فيه وتقييده بزمان متأخّر فتصحّ.
فلو قال : وكّلتك إذا جاء رأس الشهر الفلاني ، بطلت الوكالة ، للتعليق ، دون ما إذا قال : وكّلتك الآن ، ولكن لا تبع إلّا إذا جاز رأس الشهر الفلاني ، فإنّه لا يصحّ له البيع إلّا في ذلك الزمان المعيّن.
والقسمان في التعليق في الأمر كالقسمين في التعليق في الوكالة ، والتفرقة بين القسمين في المقامين ظاهر ، ومع ذلك أنكر شيخنا الأنصاري رحمهالله في الأوّل ـ أي في الأمر ـ فردّ عليه سؤال الفرق بينه وبين الوكالة (١).
وأمّا الثاني ؛ فملخّص القول فيه أنّ كلّا من الأخبار والإنشاء ينطبق عليه عنوان آخر ، وهو فعل توليدي للمخبر والمنشئ كالإعلام والاستعلام وطلب الفعل والترك والإرشاد ، والتعليق إنّما يصحّ فيهما بالنسبة إلى الفعل الثاني أعني التوليدي لا الأولي ، بل قد عرفت استحالة التعليق بالنسبة إليه.
وأمّا بالنسبة إلى عنوان الطاري ؛ فإمّا أن يكون ممّا يعتقد المتكلّم ارتباطه
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ١٦٣ و ١٦٤.