وفي المحكيّ عن الكفاية ما يومئ إلى دعوى الشهرة في الصحّة حيث ذكر في باب الهبات هبة الولد مال أبيه بظنّ الحياة فبان أنّه ميّت فقال : «المشهور الصحّة ، وكذا لو باع مال أبيه باعتقاد أنّه حيّ ثمّ بان أنّه ميّت» (١) بناءً على أنّه تشبيه في الحكم والشهرة.
وعن الشهيد في الدروس (٢) تعرّضه للمسألة والحكم فيها بالصحّة من دون دعوى إجماع ولا شهرة.
وعن فخر المحقّقين (٣) ما يومئ إلى تردّده في الصحّة حيث ذكر فيها وجهين الصحّة وعدمها ولم يرجّح شيئاً منهما.
ثمّ إنّ للمسألة صورتين ، إحداهما : ما لو باع مال غيره لنفسه فبان أنّه له ، واخراهما : ما لو باعه للمالك ـ أي لمن اعتقد كونه مالكاً ـ فبان أنّه له. وإطلاق كلام العلّامة وغيره في الحكم بالصحّة يعمّ الصورتين ، غير أنّ في كلام ولده ما هو ظاهر في أنّ معقد المسألة الصورة الثانية حيث إنّه استدلّ على عدم الصحّة بوجوه يأتي نقلها ، ومنها : أنّه باع عن الأب لا عنه.
وكيف كان فأمّا الصورة الاولى فأقوى الاحتمالين فيها وأصحّهما الصحّة ، لأنّه عقد صدر من أهله في محلّه فيشمله العمومات المقتضية للصحّة ، أمّا كونه في محلّه لأنّه وقع على ما هو ملك للعاقد في الواقع ، وأمّا كونه صدر من أهله لأنّ المفروض كون العاقد هو المالك في الواقع واعتقاد كونه لغيره مع فرض عدم مطابقته الواقع غير قادح في الصحّة لأنّ وجوده بمثابة عدمه ، فالصحّة ممّا لا ينبغي الاسترابة فيها. نعم إنّما الكلام في لزومه من دون إجازة وعدم لزومه إلّا بالإجازة ، ومرجعه إلى أنّه هل يقف لزوم هذا العقد على إجازة العاقد بعد تبيّن كونه مالكاً أو لا؟ والّذي يترجّح في النظر القاصر عدم وقوفه عليها ، فإنّ الإجازة في الفضولي إنّما تعتبر من جهة أنّ رضا المالك شرط للصحّة وينوب منابه رضى العاقد إذا أمضاه المالك بإجازته العقد ، ورضا المالك هاهنا حاصل مقارناً للعقد ، لفرض كون العاقد مالكاً فهو ليس من رضا غير المالك حتّى يفتقر إلى إمضاء المالك بإجازته.
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٣٤.
(٢) الدروس ٣ :
(٣) الإيضاح ١ : ٤٢٠.