والتأسّي بهم واجب لقوله تعالى : «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (١).
وأمّا الثالث : فلعدم انعقاد البيع بغير الماضي من الأمر والمضارع مع كونه عربيّاً ، فعدم وقوعه بغير العربي بطريق أولى.
وفي الجميع من الضعف ما لا يخفى :
أمّا الأصل : فيخرج عنه بالعمومات كآية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» و «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» لصدق كلّ من العقد والبيع وتجارة عن تراض عرفاً بما يحصل بالألفاظ الغير العربيّة فيشمله العموم والإطلاق. ومنع شمولها إلّا لما يقع بالألفاظ العربيّة لأنّه المتداول في زمان الصدور مكابرة.
وأمّا التأسّي : فبمنع صغراه أوّلاً ، فتارةً بعدم معلوميّة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الأئمّة كانوا يباشرون البيع والشراء ، واخرى فبعدم معلوميّة اتّفاق كون طرف العقد معهم في البيع أو الاشتراء من غير العرب فضلاً عن العلم بأنّهم كانوا يعقدون معه باللفظ العربي. ومنع كبراه ثانياً ، فتارةً بأنّ وجوب التأسّي خلافي ومعركة للآراء والأقوى فيه عدم الوجوب ، واخرى بأنّ وجوبه على القول به مشروط بامور ، منها : عدم كون الفعل الصادر منهم من مقتضى الطبيعة والسجيّة والعادة ، ولا ريب أنّ التكلّم بالألفاظ العربيّة من العرب من مقتضى طبائعهم وعاداتهم ، فالعقد باللفظ العربي من النبيّ والأئمّة لو ثبت مداومتهم عليه من عاداتهم باعتبار كونهم عربي اللسان فلا يكون من موضوع وجوب التأسّي. وبالتأمّل في ذلك علم عدم صحّة الاستدلال على اعتبار العربيّة بقوله تعالى : «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلّا بِلِسانِ قَوْمِهِ» (٢).
وأمّا الأولويّة : فبمنعها لوضوح الفرق بين الماضي وأخويه بكونه أقرب إلى المعنى المقصود من العقد وهو الإنشاء وكونهما أبعد عنه ، بل الفرق أنّ صيغ الماضي في كلّ عقد من المنقولات إلى المعنى الإنشائي فهو فيها بالوضع العرفي الثاني دالّ عليه بخلافهما.
فتحقيق المقام : أنّ معتبري العربيّة إن أرادوا اعتبارها في انعقاد أصل البيع وصدق اسمه أو في صحّته وترتّب الأثر ، فالحقّ ما هو المشهور من عدم اعتبارها لعين ما مرّ في
__________________
(١) الأحزاب : ٢١.
(٢) ابراهيم : ٤.