والحرج. وكلام الأصحاب في هذا المقام أيضاً غير محرّر ، بل لم نقف على من تعرّض له أيضاً.
المسألة الثالثة : في أنّ مناط كفاية الإشارة المفهمة عن البيع اللفظي المفيد للّزوم هل هو الخرس أو العجز عن النطق أو العذر؟والفرق أنّ الأوّل أخصّ من الثاني وهو أخصّ من الثالث ، فإنّ العذر مفهوم عامّ يشمل الخرس الأصلي والعجز عن النطق من جهة الآفة العارضة للّسان وغيرهما ممّا كان لفوات غرض ومصلحة أو لدفع مضرّة ومفسدة بأن يكون للمتبايعين غرض ومصلحة في المبايعة لا يحصل إلّا بالمبايعة بطريق الإشارة ، أو كان في المبايعة بالعقد اللفظي مضرّة ومفسدة لا تندفع إلّا بالمبايعة بطريق الإشارة ، فالعدول عن اللفظ إلى الإشارة إنّما هو لئلّا يفوت ما يقصدان من المصلحة ، أو ليندفع ما يقعان فيه من المفسدة ، والعذر يعمّ نحو ذلك بخلاف العجز عن النطق فيكون أخصّ منه ، نعم هو يعمّ العجز العارضي لآفة عارضة للّسان فيكون أعمّ من الخرس. وكلمة الأصحاب وعباراتهم في مناط الحكم الدائر بين هذه الثلاث مختلفة ، فمنهم من أناطه بالخرس كالعلّامة والشهيد في نهاية الإحكام (١) والدروس (٢) حيث عبّرا بإشارة الأخرس ، منهم من أناطه بالعجز عن النطق كالعلّامة والشهيد في التذكرة (٣) والقواعد (٤) واللمعة (٥) حيث عبّرا بالإشارة مع العجز ، ونحوه ما في كشف اللثام على ما حكي عنه في النكاح من قوله بعد ذكر العقد اللفظي : «لو عجز أشار بما يدلّ على العقد وهو ممّا قطع به الأصحاب ولم نجد نصّاً من الأصحاب فيمن عجز لإكراه» (٦) انتهى ، ومنهم من أناطه بالعذر كالمحقّق في الشرائع لمكان قوله : «ويقوم مقام اللفظ الإشارة مع العذر» (٧) وفي معناه ما عن إرشاد العلّامة «لو تعذّر النطق كفت الإشارة» (٨).
وهل هذا الاختلاف لأجل خلاف بينهم في مناط الحكم ، أو أنّه اختلاف في مجرّد التعبير وإلّا فلا خلاف بينهم في المعنى ، إمّا بدعوى أنّ مناط الحكم عند الكلّ هو الخرس خاصّة بناءً على تنزيل العجز عن النطق وتنزيل العذر في كلام من عبّر
__________________
(١) نهاية الإحكام ٢ : ٤٥١.
(٢) الدروس ٣ : ١٩٢. (٣) التذكرة ١٠ : ٩.
(٤) القواعد ٣ : ١٠. (٥) اللمعة : ١٠٩.
(٦) كشف اللثام ٧ : ٤٧.
(٧) الشرائع ٢ : ١٣.
(٨) إرشاد الأذهان ١ : ٣٥٩.