الموارد الخاصّة ، غير أنّك قد عرفت سابقاً أنّ النصوص الواردة فيه ظاهرة في الفتوى ، مع أنّ الأصل في تصرّفات المعصوم كونها على وجه الفتوى والحكم العامّ.
نعم إنّما يتّجه الاشتراط حيث وجب على مستعملي الأراضي دفع الخراج والمقاسمة إلى الحاكم الشرعي لتمكينه من أخذهما والتصرّف فيهما وصرفهما إلى وجوههما ، وحرم دفعهما إلى الجائر لتمكّنهم من عدم الدفع إن قلنا به ، فإنّ هذه المسألة أيضاً خلافيّة ولهم فيها قولان :
أحدهما : وجوب دفعهما إلى الجائر مطلقاً ولو مع التمكّن من منعهما عنه ، ودفعهما إلى الحاكم الشرعي حيث تمكّن من الأخذ والتصرّف والصرف في وجوههما نسب ذلك إلى جماعة (١) أطلقوا الحكم الشرعي بحرمة سرقتهما وجحدهما ومنعهما منه والتصرّف فيهما بدون إذنه ، ومنهم كثير من معاصري المحقّق الكركي على ما تقدّم ، وعن الكفاية «عن بعض الأصحاب الاتّفاق عليه» (٢).
وثانيهما : حرمة الدفع إليه مع التمكّن من عدم الدفع ، كما عن جماعة من أصحابنا لقولهم بعدم براءة الذمّة بالدفع اختياراً ، ومقتضاه عدم جوازه مع التمكّن ، وعن الفاضل القطيفي (٣) التصريح بذلك. وفي المستند «بل ظاهره دعوى الضرورة الدينيّة على العدم. ثمّ قال : ولا يخفى أنّ ذلك مقتضى الأصل لأنّهما كالزكاة حقّ لجماعة خاصّة ليس الجائر منهم ولا قيّماً عليهم ، فالأصل عدم جواز دفع حصّتهم إليهم ـ سيّما مع ما هم عليه من الفسق الواضح ـ ما دام يتمكّن من عدم الدفع ... إلى أن قال : فوجوب منعها عن الجائر مع التمكّن أظهر» (٤) انتهى.
وجزم به شيخنا في الجواهر (٥). وهو الصحيح والمعتمد ، لأصالة عدم جواز دفع الحقّ إلى غير مستحقّه ولا إلى من لا ولاية على مستحقّه اختياراً ، ولصحيحي العيص والشحّام المتقدّمين بعد حمل مطلقهما على مقيّدهما ، فعدم الإجزاء في الثاني محمول
__________________
(١) كما في المسالك ١ : ١٥٥ ، جامع المقاصد ٧ : ١١ ، الرياض ٨ : ١١٨ ، رسائل المحقّق الكركي ١ : ٢٧٤.
(٢) كفاية الأحكام : ٨٠.
(٣) كلمات المحقّقين : ٣٠٧.
(٤) المستند ١٤ : ٢٠٢.
(٥) الجواهر ٢٢ : ١٩٥.