إشارات إلى نفيها ، مثل ما تقدّم عن عائشة في امرأة قصيرة فإنّها تقضي بأنّ عائشة لم تصدر منها إلّا التنبيه على قصر الامرأة وقد قال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قد اغتبتها» (١)
ومثل المرسل المتقدّم في قول أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «ما أعجزه» مع قولهم «قلنا ما فيه» لقضائه بأنّه لم يتحقّق منهم سوى قول «ما أعجزه» من دون إشعار بذمّه ولا قصد له ولا لنقصه وانتقاصه ولا إهانته ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اغتبتم صاحبكم».
ومثل قوله عليهالسلام في حسنة عبد الرحمن : «الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه» لقضائه بأنّه لم يعتبر فيها حيثيّة سوى كون المقول في الأخ ما ستره الله عليه.
ومثل المرويّ عن الكاظم عليهالسلام من قوله : «من ذكر رجلاً من خلفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه الناس اغتابه» لقضائه أيضاً بأنّه لم يؤخذ فيها حيثيّة سوى كون ما ذكر في الرجل عيباً ثابتاً فيه لم يعرفه الناس.
ومثل المرويّ عن مكارم الأخلاق فإنّ قوله : «فإن كان فيه ذلك الّذي يذكر» يشير إلى أنّه لم يتحقّق فيما حكم عليه بكونه غيبة سوى أنّه ذكر فيه ما هو فيه من السوء.
فما في تعريف الشهيد المتقدّم من اعتبار قصد الانتقاص والذمّ غير مسموع ، ونسبته إلى المشهور غير مسلّمة ، ولو سلّمت الشهرة فهي هنا ممّا لا أصل له.
والرابع من الاحتمالات الباقية يندفع بابتنائه على اعتبار مستوريّة العيب في محلّ الغيبة وقد منعناه ، فحيثيّة الإظهار أيضاً غير معتبرة في معنى الغيبة.
والأوّل منها أيضاً يندفع بأنّ تخصيص الغيبة بغير العيوب الشرعيّة يقضي بعدم تحقّقها فيمن ذكر بعيب شرعي ـ مثل كونه تارك الصلاة أو مانع الزكاة أو شارب الخمر أو لاطياً أو نحو ذلك ـ وضرورة العرف والشرع تنفيه ، وعليه مبنيّ استثناء غيبة المتجاهر واستثناؤها في موضع الجرح وفي محلّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك ممّا ستعرفه.
وبقى منها الاحتمال الثاني والثالث ، وكلاهما صحيحان وإن كان أظهرهما إرادة ذكر العيب. فصار المحصّل أنّ الغيبة عبارة عن ذكر عيب للمؤمن يكرهه من حيث إنّه
__________________
(١) الدرّ المنثور ٦ : ٩٤.