سَأَلْتُمْ) (٧٣) فقالوا : (يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) (٧٤) فنصف الآية في سورة البقرة ، ونصفها في سورة المائدة.
وقوله : (اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٧٥) فرد الله عليهم : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٧٦) فنصف الآية في سورة الفرقان ، ونصفها في سورة العنكبوت ، (٧٧) ومثله كثير نذكره في مواضعه ، إن شاء الله.
وأما الآية التي نصفها منسوخة ونصفها متروكة على حالها ، فقوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) وذلك أن المسلمين كانوا ينكحون أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وينكحونهم ، فأنزل الله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) (٧٨) فنهى الله أن ينكح المسلم المشركة ، أو ينكح المشرك المسلمة. ثم نسخ قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) ، بقوله في سورة المائدة : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) (٧٩) فنسخت هذه الآية قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) وترك قوله : (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) لم ينسخ ، لأنه لا يحل للمسلم أن ينكح المشرك ، ويحل له أن يتزوج المشركة من اليهود والنصارى.
وقوله : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (٨٠) ثم نسخت هذه الآية بقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) (٨١) فنسخت قوله : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) إلى قوله : (وَالسِّنَّ بِالسِّنِ) ولم ينسخ قوله : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) فنصف الآية منسوخة ، ونصفها متروكة.
وأما ما تأويله في تنزيله ، فكل آية نزلت في حلال أو في حرام ، مما لا يحتاج فيها إلى تأويل مثل قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ) (٨٢) وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ
__________________
(٧٣) البقرة ١ : ٦١.
(٧٤) المائدة ٥ : ٢٢.
(٧٥) الفرقان ٢٥ : ٥.
(٧٦) العنكبوت ٢٩ : ٤٨.
(٧٧) في «س» : القصص ، وفي المصدر : القصص والعنكبوت. ولم يرد الرد إلا في العنكبوت.
(٧٨) البقرة ٢ : ٢٢١.
(٧٩) المائدة ٥ : ٥.
(٨٠) المائدة ٥ : ٤٥.
(٨١) البقرة ٢ : ١٧٨.
(٨٢) النساء ٤ : ٢٣.