اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ [٨٩]
٥٥٠ / ١ ـ قال الإمام العسكري عليهالسلام : «ذم الله اليهود ، فقال : (وَلَمَّا جاءَهُمْ) يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم ، وإخوانهم من اليهود ، جاءهم (كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) القرآن (مُصَدِّقٌ) ذلك الكتاب (لِما مَعَهُمْ) من التوراة التي بين فيها أن محمدا الأمي من ولد إسماعيل ، المؤيد بخير خلق الله بعده : علي ولي الله (وَكانُوا) يعني هؤلاء اليهود (مِنْ قَبْلُ) ظهور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرسالة (يَسْتَفْتِحُونَ) يسألون الله الفتح والظفر (عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) من أعدائهم والمناوئين لهم ، وكان الله يفتح لهم وينصرهم.
قال الله عز وجل : (فَلَمَّا جاءَهُمْ) جاء هؤلاء اليهود (ما عَرَفُوا) من نعت محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وصفته (كَفَرُوا بِهِ) جحدوا نبوته حسدا له ، وبغيا عليه ، قال الله عز وجل : (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (صلوات الله عليه وآله) قبل ظهوره ، ومن استفتاحهم على أعدائهم بذكره ، والصلاة عليه وعلى آله».
قال عليهالسلام : «وكان الله عز وجل أمر اليهود في أيام موسى عليهالسلام وبعده إذا دهمهم أمر ، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز وجل بمحمد وآله الطيبين ، وأن يستنصروا بهم ، وكانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بسنين كثيرة يفعلون ذلك ، فيكفون البلاء والدهماء والداهية.
وكانت اليهود قبل ظهور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعشر سنين تعاديهم أسد وغطفان ـ قوم من المشركين ـ ويقصدون أذاهم ، فكانوا يستدفعون شرورهم وبلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد وآله الطيبين ، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد وغطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة ، فتلقاهم اليهود وهم ثلاثمائة فارس ، ودعوا الله بمحمد وآله فهزموهم وقطعوهم.
فقالت أسد وغطفان بعضهما لبعضهم : تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل ؛ فاستعانوا عليهم بالقبائل وأكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا ، وقصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم ، فألجئوهم إلى بيوتها ، وقطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم ، ومنعوا عنهم الطعام ، واستأمن اليهود (١) فلم يأمنوهم ، وقالوا : لا ، إلا أن نقتلكم ونسبيكم وننهبكم.
فقالت اليهود بعضها لبعض : كيف نصنع؟ فقال لهم أماثلهم وذوو الرأي منهم : أما أمر موسى أسلافكم ومن بعدهم بالاستنصار بمحمد وآله الطيبين؟ أما أمركم بالابتهال إلى الله عز وجل عند الشدائد بهم؟ قالوا : بلى ؛ قالوا : فافعلوا.
فقالوا : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما سقيتنا ، فقد قطعت الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا ، وتماوت
__________________
سورة البقرة آية ـ ٨٩ ـ
١ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٩٣ / ٢٦٨ ـ ٢٧٠.
(١) في المصدر زيادة : منهم.