وإذا انعقد إحرامه حرم عليه أن يجامع ، أو يستمني ، أو يقبل ، أو يلامس بشهوة بلا خلاف ، وأن يعقد نكاحا لنفسه أو لغيره ، أو يشهد عقدا ، فإن عقد فالعقد فاسد ، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
ويعارض المخالف بما روى من طرقهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب (١) ، وفي رواية : ولا يشهد ، وهذا نص. وقولهم : لفظة نكاح حقيقة في الوطء خاصة ، غير مسلم ، بل وفي العقد ، بدليل ظاهر الاستعمال ، قال الله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) (٢) (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) (٣) (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) (٤) ولا خلاف أن المراد بذلك العقد.
وإذا كان لفظ النكاح مشتركا وجب حمله على الأمرين ، وما رووه من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم تزوج ميمونة (٥) وهو محرم (٦) معارض بما روي عن ميمونة من قولها : خطبني رسول الله وهو حلال وتزوجني وهو حلال (٧) وفي خبر آخر : وتزوجني بعد رجوعه من مكة ، وخبر المنكوحة أولى لأنها أعرف بحقيقة الحال ، وأيضا فالعرب تسمي من كان في الشهر الحرام محرما قال الشاعر (٨) :
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما |
|
... |
ولم يكن عاقدا للإحرام بلا خلاف ، فيحمل خبرهم على أن الراوي أراد به تزويجها وهو في الشهر الحرام.
__________________
(١) التاج الجامع للأصول : ٢ ـ ١١٧ كتاب الحج ، وجامع الأصول لابن الأثير : ٣ ـ ٤١٢.
(٢) النور : ٣٢.
(٣) النساء : ٢٥.
(٤) النساء : ٣.
(٥) ميمونة بنت الحارث ، تزوجها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في سنة ٧ ه ـ روت عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنها ابن أختها عبد الله بن عباس وغيره ، ماتت سنة ٥١ ه ـ ، لاحظ اعلام النساء : ٥ ـ ١٣٨ وتهذيب التهذيب : ١٢ ـ ٤٥٣.
(٦) صحيح البخاري : ٣ ـ ١٩ ، والتاج الجامع للأصول : ٢ ـ ١١٧ ، ونيل الأوطار : ٥ ـ ١٤.
(٧) سنن الترمذي : ٣ ـ ٢٠١ ، وجامع الأصول : ٣ ـ ٤١١ ، والتاج الجامع للأصول : ٢ ـ ١١٧.
(٨) الشاعر هو الراعي النميري ، ومصرعه الأخير : «ودعا فلم أر مثله قتيلا» ، لاحظ الأغاني : ٢٣ ـ ٣٤٨ ، وجمهرة العرب : ١ ـ ٥٢٣.