الإنسان تنتهي خلقته إلى عناصر أرضية تركبت تركبا خاصا به يغتذي وينمو ويولد المثل ، وهذه حقيقة النبات ، فالكلام مسوق سوق الحقيقة من غير تشبيه واستعارة.
قوله تعالى : « ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً » الإعادة فيها بالإماتة والإقبار ، والإخراج للجزاء يوم القيامة فالآية والتي قبلها قريبتا المعنى من قوله تعالى : « فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ » الأعراف : ٢٥.
وفي قوله : « وَيُخْرِجُكُمْ » دون أن يقول : ثم يخرجكم إيماء إلى أن الإعادة والإخراج كالصنع الواحد والإعادة مقدمة للإخراج ، والإنسان في حالتي الإعادة والإخراج في دار الحق كما أنه في الدنيا في دار الغرور.
قوله تعالى : « وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً » أي كالبساط يسهل لكم التقلب من جانب إلى جانب ، والانتقال من قطر إلى قطر.
قوله تعالى : « لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً » السبل جمع سبيل بمعنى الطريق والفجاج جمع فج بمعنى الطريق الواسعة ، وقيل : الطريق الواقعة بين الجبلين.
قوله تعالى : « قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً » رجوع منه عليهالسلام إلى شكواه من قومه إلى ربه بعد ما ذكر تفصيل دعوته لهم وما ألقاه من القول إليهم من قوله : « ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً » إلى آخر الآيات.
وشكواه السابق له قوله : « فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً » بعد ما أخبر بإجمال دعوته بقوله : « رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً ».
وفي الآية دلالة على أن العظماء المترفين من قومه عليهالسلام كانوا يصدون الناس عنه ويحرضونهم على مخالفته وإيذائه.
ومعنى قوله : « لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً » ـ وقد عد المال والولد في سابق كلامه من النعم ـ أن المال والولد اللذين هما من نعمك وكان يجب عليهم شكرهما لم يزيداهم إلا كفرا وأورثهم ذلك خسرانا من رحمتك.
قوله تعالى : « وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً » الكبار اسم مبالغة من الكبر.
قوله تعالى : « وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً » توصية منهم بالتمسك بآلهتهم وعدم ترك عبادتها.