فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال : اقتربت الساعة وانشق القمر ـ ألا وإن
الساعة قد اقتربت. ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله. ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق. ألا وإن اليوم المضمار
وغدا السباق.
أقول
: وقد روي
انشقاق القمر بدعاء النبي صلىاللهعليهوآله بطرق مختلفة كثيرة عن هؤلاء النفر من الصحابة وهم أنس ،
وعبد الله بن مسعود ، وابن عمر ، وجبير بن مطعم ، وابن عباس ، وحذيفة بن اليمان ،
وعد في روح المعاني ممن روي عنه الحديث من الصحابة عليا عليهالسلام ثم نقل عن السيد الشريف في شرح المواقف وعن ابن السبكي
في شرح المختصر أن الحديث متواتر لا يمترى في تواتره. هذه حال الحديث عند أهل
السنة وقد عرفت حاله عند الشيعة.
(
كلام فيه إجمال القول في شق القمر )
آية شق القمر
بيد النبي صلىاللهعليهوآله بمكة قبل الهجرة باقتراح من المشركين مما تسلمها
المسلمون بلا ارتياب منهم.
ويدل عليها من
القرآن الكريم دلالة ظاهرة قوله تعالى : « اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ » القمر : ٢ ، فالآية الثانية تأبى إلا أن يكون مدلول قوله
: «
وَانْشَقَّ الْقَمَرُ » آية واقعة قريبة من زمان النزول أعرض عنها المشركون كسائر الآيات التي
أعرضوا عنها وقالوا : سحر مستمر.
ويدل عليها من
الحديث روايات مستفيضة متكاثرة رواها الفريقان وتسلمها المحدثون ، وقد تقدمت نماذج
منها في البحث الروائي.
فالكتاب والسنة
يدلان عليها وانشقاق كرة من الكرات الجوية ممكن في نفسه لا دليل على استحالته
العقلية ، ووقوع الحوادث الخارقة للعادة ـ ومنها الآيات المعجزات ـ جائز وقد قدمنا
في الجزء الأول من الكتاب تفصيل الكلام فيها إمكانا ووقوعا ومن أوضح الشواهد عليه
القرآن الكريم فمن الواجب قبول هذه الآية وإن لم يكن من ضروريات الدين.
واعترض عليها
بأن صدور الآية المعجزة منه صلىاللهعليهوآله باقتراح من الناس ينافي قوله تعالى :
« وَما مَنَعَنا أَنْ
نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ
النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما