والإثبات ، عبادة الله وترك عبادة غيره وهو عبادته مخلصا له الدين.
وقوله : « لَهُمُ الْبُشْرى » إنشاء بشرى وخبر لقوله : « وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا » إلخ.
قوله تعالى : « فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ » إلى آخر الآية كان مقتضى الظاهر أن يقال : فبشرهم غير أنه قيل : فبشر عباد وأضيف إلى ضمير التكلم لتشريفهم به ولتوصيفهم بقوله : « الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ » إلخ.
والمراد بالقول بقرينة ما ذكر من الاتباع ما له نوع ارتباط ومساس بالعمل فأحسن القول أرشده في إصابة الحق وأنصحه للإنسان ، والإنسان إذا كان ممن يحب الحسن وينجذب إلى الجمال كان كلما زاد الحسن زاد انجذابا فإذا وجد قبيحا وحسنا مال إلى الحسن ، وإذا وجد حسنا وأحسن قصد ما هو أحسن ، وأما لو لم يمل إلى الأحسن وانجمد على الحسن كشف ذلك عن أنه لا ينجذب إليه من حيث حسنه وإلا زاد الانجذاب بزيادة الحسن.
فتوصيفهم باتباع أحسن القول معناه أنهم مطبوعون على طلب الحق وإرادة الرشد وإصابة الواقع فكلما دار الأمر بين الحق والباطل والرشد والغي اتبعوا الحق والرشد وتركوا الباطل والغي وكلما دار الأمر بين الحق والأحق والرشد وما هو أكثر رشدا أخذوا بالأحق الأرشد.
فالحق والرشد هو مطلوبهم ولذلك يستمعون القول ولا يردون قولا بمجرد ما قرع سمعهم اتباعا لهوى أنفسهم من غير أن يتدبروا فيه ويفقهوه.
فقوله : « الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ » مفاده أنهم طالبو الحق والرشد يستمعون القول رجاء أن يجدوا فيه حقا وخوفا أن يفوتهم شيء منه.
وقيل : المراد باستماع القول واتباع أحسنه استماع القرآن وغيره واتباع القرآن ، وقيل : المراد استماع أوامر الله تعالى واتباع أحسنها كالقصاص والعفو فيتبعون العفو وإبداء الصدقات وإخفائها فيتبعون الإخفاء ، والقولان من قبيل التخصيص من غير مخصص.
وقوله : « أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ » إشارة إلى أن هذه الصفة هي الهداية الإلهية وهذه الهداية أعني طلب الحق والتهيؤ التام لاتباع الحق أينما وجد هي الهداية الإجمالية