والاجتماعي الدنيوي والاخروي ولا يسلم من هذا الخسر ويربح السعادة في الدنيا والآخرة الا الاشخاص الذين تتوفر فيهم اربع صفات وهي اولا الايمان الصادق وثانيا العمل الصالح وثالثا التواصي بالحق ورابعا التواصي بالصبر ولا بد من الوقوف بتدبر وتأمل امام آيات هذه السورة المباركة وعباراتها الموحية لنستلهم منها الدروس السامية في العقيدة الراسخة والاعمال الصالحة والاخلاق الفاضلة.
فأقول : المراد بالإيمان الذي يثمر للإنسان ما دلت السورة عليه من العمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر هو العقيدة الراسخة التي يستلهمها الإنسان على ضوء ما اودع الله فيه من الفطرة السليمة والاستعداد لتحصيل الإيمان الجازم بأن لهذا الكون خالقا عظيما متصفا بكل الصفات الكمالية وانه وحده لا شريك له لاستحالة وجود الشريك لذاته المقدسة لمنافاته مع كماله المطلق وقدرته الشاملة وسلطانه الواسع الذي لا يحده معارض ولا يزاحمه طرف مقابل ومن المعلوم ان وجود الشريك المماثل له في ذلك يؤدي الى عكس ما وصفناه به من الكمال المطلق ولوازمه.
هذا كله من ناحية ذاتية ومن ناحية موضوعية خارجية نستفيد وحدانية الخالق لهذا الكون من وحدة النظام والتدبير المسيطر عليه بالارادة التكوينية ليسير على نهج واحد مستمر ومستقر بدون حصول اختلاف ولا اختلال في النظام العام وهذا يوحي على ضوء العقل السليم والوجدان المستقيم بوحدة الخالق المنظم اذ لو كان له شريك مماثل وطرف مقابل لما استقام هذا النظام العام واستمر على نسق واحد كما هو المعلوم بالوجدان الفطري الذي فطر الله الإنسان عليه.
وقد نبه سبحانه على هذه الحقيقة الموضوعية الفطرية بقوله :