ثم الأغراض والغايات الاجتماعية أو الدينية سنت بين الناس سنة النكاح الاجتماعي الاعتباري الذي فيه نوع من الاختصاص بين الزوجين وقسم من التحديد للزوجية الطبيعية المذكورة فالفطرة الإنسانية والخلقة الخاصة تهديه إلى ازدواج الرجال بالنساء دون الرجال وازدواج النساء بالرجال دون النساء ، وأن الازدواج مبني على أصل التوالد والتناسل دون الاشتراك في مطلق الحياة.
ومن هنا يظهر أن الأقرب أن يكون المراد بقوله : « ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ » العضو المباح للرجال من النساء بالازدواج واللام للملك الطبيعي ، وأن ( مِنْ ) في قوله : « مِنْ أَزْواجِكُمْ » للتبعيض والزوجية هي الزوجية الطبيعية وإن أمكن أن يراد بها الزوجية الاجتماعية الاعتبارية بوجه.
وأما تجويز بعضهم أن يراد بلفظة « ما » النساء ويكون قوله : « مِنْ أَزْواجِكُمْ » بيانا له فبعيد.
وقوله : « بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ » أي متجاوزون خارجون عن الحد الذي خطته لكم الفطرة والخلقة فهو في معنى قوله : « إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ » العنكبوت : ٢٩.
وقد ظهر من جميع ما مر أن كلامه عليهالسلام مبني على حجة برهانية أشير إليها.
قوله تعالى : « قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ » أي المبعدين المنفيين من قريتنا كما نقل عنهم في موضع آخر : « أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ».
قوله تعالى : « قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ » المراد بعملهم ـ على ما يعطيه السياق ـ إتيان الذكران وترك الإناث. والقالي المبغض ، ومقابلة تهديدهم بالنفي بمثل هذا الكلام من غير تعرض للجواب عن تهديدهم يفيد من المعنى أني لا أخاف الخروج من قريتكم ولا أكترث به بل مبغض لعملكم راغب في النجاة من وباله النازل بكم لا محالة ، ولذا أتبعه بقوله : « رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ».
قوله تعالى : « رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ » أي من أصل عملهم الذي يأتون به بمرأى ومسمع منه فهو منزجر منه أو من وبال عملهم والعذاب الذي سيتبعه لا محالة.
وإنما لم يذكر إلا نفسه وأهله إذ لم يكن آمن به من أهل القرية أحد ، قال تعالى