قوله تعالى : « قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ » نفي لأثر كلامه وإياس له من إيمانهم بالكلية.
قيل : الكلام لا يخلو من مبالغة فقد كان مقتضى الترديد أن يقال : أوعظت أم لم تعظ ففي العدول عنه إلى قوله : « أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ » النافي لأصل كونه واعظا ما لا يخفى من المبالغة.
قوله تعالى : « إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ » الخلق بضم الخاء واللام أو سكونها قال الراغب : الخلق والخلق ـ أي بفتح الخاء وضمها ـ في الأصل واحد كالشرب والشرب والصرم والصرم لكن خص الخلق ـ بفتح الخاء ـ بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخلق ـ بضم الخاء ـ بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة ، قال تعالى : « إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ » وقرئ « إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ » انتهى.
والإشارة بهذا إلى ما جاء به هود وقد سموه وعظا والمعنى : ليس ما تلبست به من الدعوة إلى التوحيد والموعظة إلا عادة البشر الأولين الماضين من أهل الأساطير والخرافات ، وهذا كقولهم : ( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ).
ويمكن أن تكون الإشارة بهذا إلى ما هم فيه من الشرك وعبادة الآلهة من دون الله اقتداء بآبائهم الأولين كقولهم : « وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ ».
واحتمل بعضهم أن يكون المراد ما خلقنا هذا إلا خلق الأولين نحيا كما حيوا ونموت كما ماتوا ولا بعث ولا حساب ولا عذاب. وهو بعيد من السياق.
قوله تعالى : « وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ » إنكار للمعاد بناء على كون المراد باليوم العظيم في كلام هود عليهالسلام يوم القيامة.
قوله تعالى : « فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ـ إلى قوله ـ الرَّحِيمُ » معناه ظاهر مما تقدم.
( بحث روائي )
في كتاب كمال الدين ، وروضة الكافي ، مسندا عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد