يلائم النفس فإن حقيقة هذه التحية بسط الأمن والسلامة على المسلم عليه وهو
أطيب أمر يشترك فيه المجتمعان.
ثم ختم سبحانه
الآية بقوله : « كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ » وقد مر تفسيره « لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ » أي تعلموا معالم دينكم فتعملوا بها كما قيل.
قوله
تعالى : « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا
حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ » ذكر قوله « الَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرَسُولِهِ » بيانا للمؤمنين
على ظهور معناه للدلالة على اتصافهم بحقيقة المعنى أي إنما المؤمنون الذين آمنوا
بالله ورسوله بحقيقة الإيمان وأيقنوا بتوحده تعالى واطمأنت نفوسهم وتعلقت قلوبهم
برسوله.
ولذلك عقبه
بقوله : « وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى
يَسْتَأْذِنُوهُ » والأمر الجامع هو الذي يجمع الناس للتدبر في أطرافه والتشاور والعزم عليه
كالحرب ونحوها.
والمعنى : وإذا
كانوا مع الرسول بالاجتماع عنده على أمر من الأمور العامة لم يذهبوا ولم ينصرفوا
من عند الرسول حتى يستأذنوه للذهاب.
ولذلك أيضا
عقبه بقوله : « إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ
بِاللهِ وَرَسُولِهِ » وهو بمنزلة عكس صدر الآية للدلالة على الملازمة وعدم الانفكاك.
وقوله : « فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ
مِنْهُمْ » تخيير منه
تعالى لرسوله في أن يأذن لمن شاء ولا يأذن لمن لم يشأ.
وقوله : « وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » أمر له بالاستغفار لهم تطييبا لنفوسهم ورحمة بهم.
قوله
تعالى : « لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ
كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً »
إلى آخر الآية ، دعاء الرسول هو دعوته الناس إلى أمر من الأمور كدعوتهم إلى
الإيمان والعمل الصالح ، ودعوتهم ليشاورهم في أمر جامع ، ودعوتهم إلى الصلاة جامعة
، وأمرهم بشيء في أمر دنياهم أو أخراهم فكل ذلك دعاء ودعوة منه صلىاللهعليهوآله.
ويشهد بهذا
المعنى قوله ذيلا : « قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ
لِواذاً » وما