يستثنيه تعالى بقوله
: (إِلاَّ
مَا شَاءَ رَبُّكَ)
، ونقل هذا الوجه يحيى بن سلام البصري.
ويرده العلامة الطباطبائي بقوله : إن
الظاهر من قوله : (خَالِدِينَ
فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) وكذا في قوله : (فَفِي الْجَنَّةِ
خَالِدِينَ فِيهَا)
الخ أن الوصف ناظر إلى مدة الكون في النار أو الجنة من جهة النهاية لا من جهة البداية.
تاسعاً : إن المعنى خالدون في النار
دائمون فيها مدة كونهم في القبور مادامت السماوات والأرض في الدنيا ، وإذا فنيتا وعدمتا إنقطع عقابهم إلى أن يبعثهم الله للحساب ، وقوله : (إِلاَّ
مَا شَاءَ رَبُّكَ)
وقع على ما يكون في الآخرة.
وقال العلامة الطباطبائي في رده : إن
مرجعه إلى الوجه الثاني المبني على أخذ (إلّا) بمعنى (سوى) مع اختلاف ما في التقرير ، وقد عرفت ما يرد عليه.
عاشراً : إن المراد : (إِلاَّ مَا شَاءَ
رَبُّكَ)
أن يتجاوز عنهم فلا يدخلهم النار ، فالاستثناء من الضمير العائد الى الذين شقوا ، والتقدير فأما الذين شقوا فكائنون في النار إلاّ ما شاء ربك ، والظاهر أن هذا القائل يوجه الاستثناء في ناحية أهل الجنة (وَأَمَّا
الَّذِينَ سُعِدُوا ـ إلى قوله ـ إِلاَّ
مَا شَاءَ رَبُّكَ)
بأن المراد به أهل التوحيد الخارجون من النار إلى الجنة ، والمعنى أن السعداء في الجنة خالدون فيها إلاّ الفساق من أهل التوحيد ، فإنهم في النار ، ثم يخرجون فيدخلون الجنة ، ونسب هذا الوجه إلى أبي مجلز.
وقد أشكل عليه العلامة الطباطبائي بقوله
: إن ما ذكره إنما يجري في أول الاستثنائين ، فالثاني من الاستثنائين لابد أن يوجه بوجه آخر ، وهو كائناً ما كان يوجب انتقاض وحدة السياق في الآيتين. على أن العصاة من المؤمنين الذين يعفو الله سبحانه عنهم فلا يدخلهم النار من رأس ، لا يعفى عنهم جزافاً ، وإنما يعفى لصالح عملهم أو لشفاعة ، فيصيرون بذلك سعداء ، فيدخلون في
________________