فهو استثناء من خلودهم أيضاً لما ذكرناه أيضاً. ١
سادساً : إن تعليق ذلك بالمشيئة على سبيل التأكيد للخلود والتبعيد للخروج ، لأن الله تعالى لا يشاء إلّا تخليدهم على ما حكم به ، فكأنه تعليق لما لا يكون ، بما لا يكون لأنّه لا يشاء أن يخرجهم منها.
ويردّه العلامة الطباطبائي بكون هذا الوجه يشارك مع ما تبناه هو بدعوى كون الاستثناء في الموردين غير مسوق لنقض الخلود ، غير أن الوجه الذي تبناه يختص بكون الاستثناء لبيان إطلاق القدرة الالهية ، وهذا الوجه يختص بدعوى أن الاستثناء لبيان أن الخلود لا ينتقض بسبب من الأسباب إلّا أن يشاء الله انتقاضه ، ولن يشاء أصلاً.
وهذا هو وجه الضعف فيه ، فان قوله : ( ولن يشاء أصلاً ) لادليل عليه ، هب أن قوله في أهل الجنة : ( عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) يشعر أو يدل على ذلك ، لكن قوله : إِنَّ ( رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) لا يشعر به ولا يدل عليه لو لم يشعر بخلافه كما هو ظاهر. ٢
سابعاً : إن الله سبحانه استثنى ثم عزم بقوله : ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) أنه أراد أن يخلدهم ، قاله الحسن ، وقريب منه ما قاله الزجاج وغيره أنه استثناء تستثنيه العرب وتفعله كما تقول : والله لاضربن زيداً إلاّ أن أرى غير ذلك وأنت عازم على ضربه ، والمعنى في الاستثناء على هذا إني لو شئت أن لا أضربه لفعلت. وهذا هو الوجه الذي تبناه العلامة الطباطبائي. ٣
ثامناً : إن المراد به استثناء من الزمان الذي سبق فيه طائفة من أهل النار دخلوها قبل طائفة ، وكذا في الطوائف الذين يدخلون الجنة ، فانه تعالى يقول : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ) ، ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ) فالزمرة منهم تدخل بعد الزمرة ، فلابد أن يقع بينهما تفاوت في الزمان ، وهو الذي
________________
١. راجع : مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٥. |
٢. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣٢ ـ ٣٣. |
٣. راجع : المصدر السابق ، ص ٢٨ ـ ٢٩.