فقال له : علي ذلك ، وما على أحد منا خلاف إلا ابن الحنظلية يعني أبا جهل ـ فصر إليه وأعلمه أني حملت العير ـ ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلي عقله ـ.
قال : فقصدت خباءه وأبلغته ذلك ، فقال : إن عتبة يتعصب لمحمد ـ فإنه من بني عبد مناف وابنه معه ـ يريد أن يخذل بين الناس لا واللات والعزى ـ حتى نقحم عليهم يثرب أو نأخذهم أسارى ـ فندخلهم مكة وتتسامع العرب بذلك ، وكان أبو حذيفة بن عتبة مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ.
وكان أبو سفيان لما جاز بالعير بعث إلى قريش : قد نجى الله عيركم فارجعوا ودعوا محمدا والعرب ، وادفعوه بالراح ما اندفع ، وإن لم ترجعوا فردوا القيان ـ فلحقهم الرسول في الجحفة ، فأراد عتبة أن يرجع فأبى أبو جهل وبنو مخزوم ـ وردوا القيان من الجحفة ـ.
قال : وفزع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ لما بلغهم كثرة قريش ، واستغاثوا وتضرعوا ، فأنزل الله عز وجل : « إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ » وما بعده ـ.
قال الطبرسي : ولما أصبح رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر عبا أصحابه ، فكان في عسكره فرسان : فرس للزبير بن عوام ، وفرس للمقداد بن الأسود ، وكان في عسكره سبعون جملا كانوا يتعاقبون عليها ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي بن أبي طالب عليهالسلام ـ ومرثد بن أبي مرثد الغنوي ـ يتعاقبون على جمل لمرثد بن أبي مرثد ، وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس ، وقيل : مائتا فرس ـ.
فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ قال أبو جهل : ما هم إلا أكلة رأس ـ لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد ، فقال عتبة بن ربيعة : أترى لهم كمينا أو مددا؟ فبعثوا عمير بن وهب الجمحي وكان فارسا شجاعا ـ فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ ثم رجع فقال : ليس لهم كمين ولا مدد ـ ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع ـ أما ترونهم خرسا لا يتكلمون ـ ويتلمظون تلمظ الأفاعي ما لهم ملجأ إلا سيوفهم ، وما أراهم يولون حتى يقتلوا ، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتئوا رأيكم ، فقال له أبو جهل : كذبت وجبنت ـ.
فأنزل الله تعالى : « وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها » ـ فبعث إليهم رسول الله