أقول
: وهو مبني على
أخذ الأعراف جمعا للعرف كأقطاب جمع قطب والعرف هو المعروف من الأمر ولعله مصدر
بمعنى المفعول فمعنى « وَعَلَى
الْأَعْرافِ رِجالٌ » : وكل على أمورهم وأحوالهم المعروفة منهم رجال ، ولا
ينافي ذلك ما تقدم أن الأعراف أعالي الحجاب وكذا ما تقدم في بعض الروايات أن
الأعراف كثبان بين الجنة والنار فإن المعرفة التي هي مادة اللفظ حافظة لمعناه في
مشتقاته وموارد استعمالها على أي حال.
واعلم أن
الأخبار من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام في ما يقرب من هذه المعاني في الأعراف
كثيرة جدا ، وفيما أوردناه للإشارة إلى أنواع مضامينها في تفسير الأعراف وأصحاب
الأعراف كفاية.
وفي تفسير
البرهان ، عن الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط
ـ عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب ـ وجعفر ذو الجناحين ـ يعرفون شيعتهم ببياض الوجوه
ـ ومبغضيهم بسواد الوجوه.
أقول
: وقد تقدم في
البيان السابق نقل الرواية عن مجمع البيان ، عن تفسير الثعلبي عن الضحاك عن ابن
عباس.
وفي الدر
المنثور ، أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله
بن مالك الهلالي عن أبيه : قال قائل : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ما أصحاب الأعراف ـ قال : هم قوم خرجوا في سبيل الله
بغير إذن آبائهم ـ فاستشهدوا فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار ، ومنعتهم معصية
آبائهم أن يدخلوا الجنة ـ فهم آخر من يدخل الجنة.
أقول
: وهذا المعنى
مروي بطرق أخرى عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وقد تقدم الإشكال عليه
بعدم الانطباق على ظاهر الآيات ، والأصول المسلمة تعطي أنه إن تعين الخروج وجوبا
عينيا لم يؤثر فيه عدم إذن الوالدين ، وإن لم يتعين وبقي على الكفاية كان الخروج
محرما ولم ينفعه القتل في المعركة إلا أن يكون مستضعفا من جهة الجهل بالحكم فيعود
إلى القول بكون أصحاب الأعراف هم المستضعفين ويجري فيه البحث السابق.
« إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ