مختص بصورة تنازع المؤمنين كما يدل عليه قوله : ( تَنازَعْتُمْ ) ، ولم يقل : فإن تنازع أولو الأمر ، ولا قال : فإن تنازعوا ، والرد إلى الله والرسول عند حضور الرسول هو سؤال الرسول عن حكم المسألة أو استنباطه من الكتاب والسنة للمتمكن منه ، وعند غيبته أن يسأل الإمام عنه أو الاستنباط كما تقدم بيانه ، فلا يكون قوله : ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ) « إلخ » زائدا من الكلام مستغنى عنه كما ادعاه المستشكل.
فقد تبين من جميع ما تقدم : أن المراد بأولي الأمر في الآية رجال من الأمة حكم الواحد منهم في العصمة وافتراض الطاعة حكم الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهذا مع ذلك لا ينافي عموم مفهوم لفظ أولي الأمر بحسب اللغة ، وإرادته من اللفظ فإن قصد مفهوم من المفاهيم من اللفظ شيء وإرادة المصداق الذي ينطبق عليه المفهوم شيء آخر ، وذلك كما أن مفهوم الرسول معنى عام كلي وهو المراد من اللفظ في الآية لكن المصداق المقصود هو الرسول محمد صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : « فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ » إلى آخر الآية تفريع على الحصر المستفاد من المورد فإن قوله : ( أَطِيعُوا اللهَ ) « إلخ » حيث أوجب طاعة الله ورسوله ، وهذه الطاعة إنما هي في المواد الدينية التي تتكفل رفع كل اختلاف مفروض ، وكل حاجة ممكنة لم يبق مورد تمس الحاجة الرجوع إلى غير الله ورسوله ، وكان معنى الكلام : أطيعوا الله ، ولا تطيعوا الطاغوت ، وهو ما ذكرناه من الحصر.
وتوجه الخطاب إلى المؤمنين كاشف عن أن المراد بالتنازع هو تنازعهم بينهم لا تنازع مفروض بينهم وبين أولي الأمر ، ولا تنازع مفروض بين أولي الأمر فإن الأول أعني التنازع بينهم وبين أولي الأمر لا يلائم افتراض طاعة أولي الأمر عليهم ، وكذا الثاني أعني التنازع بين أولي الأمر فإن افتراض الطاعة لا يلائم التنازع الذي أحد طرفيه على الباطل ، على أنه لا يناسب كون الخطاب متوجها إلى المؤمنين في قوله : ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ ).
ولفظ الشيء وإن كان يعم كل حكم وأمر من الله ورسوله وأولي الأمر كائنا ما كان لكن قوله بعد ذلك : ( فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) يدل على أن المفروض هو النزاع