قال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) : « التغابن : ١٢ » ، وقال تعالى : ( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ) : « النساء : ١٠٥ » ، وقال تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) : « الأحزاب : ٦ » ، وقال تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) : « آل عمران : ٣١ » ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي يتضمن كل منها بعض شئون ولايته العامة في المجتمع الإسلامي أو جميعها.
والوجه الوافي لغرض الباحث في هذا الباب أن يطالع سيرته صلىاللهعليهوآله ويمتلئ منه نظرا ثم يعود إلى مجموع ما نزلت من الآيات في الأخلاق والقوانين المشرعة في الأحكام العبادية والمعاملات والسياسات وسائر المرابطات والمعاشرات ، فإن هذا الدليل المتخذ بنحو الانتزاع من ذوق التنزيل الإلهي له من اللسان الكافي والبيان الوافي ما لا يوجد في الجملة والجملتين من الكلام البتة.
وهاهنا نكتة أخرى يجب على الباحث الاعتناء بأمرها ، وهو أن عامة الآيات المتضمنة لإقامة العبادات والقيام بأمر الجهاد وإجراء الحدود والقصاص وغير ذلك توجه خطاباتها إلى عامة المؤمنين دون النبي صلىاللهعليهوآله خاصة ، كقوله تعالى : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) : « النساء : ٧٧ » ، وقوله : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) : « البقرة : ١٩٥ » ، وقوله : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ) : « البقرة : ١٨٣ » ، وقوله : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) : « آل عمران : ١٠٤ » ، وقوله : ( وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ ) : « المائدة : ٣٥ » ، وقوله : ( وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ) : « الحج : ٧٨ » ، وقوله : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما ) : « النور : ٢ » ، وقوله : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) : « المائدة : ٣٨ » ، وقوله : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ) : « البقرة : ١٧٩ » ، وقوله : ( وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ) : « الطلاق : ٢ » ، وقوله : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) : « آل عمران : ١٠٣ » وقوله : ( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) : « الشورى : ١٣ » ، وقوله : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) : « آل عمران : ١٤٤ » إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
ويستفاد من الجميع أن الدين صبغة اجتماعية حمله الله على الناس ولا يرضى لعباده الكفر ، ولم يرد إقامته إلا منهم بأجمعهم ، فالمجتمع المتكون منهم أمره إليهم من غير