__________________
والعجب من بعض المحققين المعاصرين حيث غمز على الشيخ ـ رضوان الله تعالى عليه ـ قوله « عدو » وقال بعدم صحة هذا القول وذكر أنه كان عاميا الا أنه كان عاميا الا أنه كان مواليا مكرما لعلى ابن الحسين عليهماالسلام. وأنت خبير بأن اكرامه علي بن الحسين عليهماالسلام واكباره إياه وتبجيله له ما كان الا لأغراض سياسية أو كان مأمورا بذلك من قبل الأمير لا للدين كما هو المشاهد من أمثاله في الاعصار ، وكيف لا وهو يتقلب في دنيا بني أمية منذ خمسين سنة قال ابن خلكان : لم يزل الزهري مع عبد الملك ثم مع هشام وكان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه ـ الخ. وجعله هشام معلم أولاده وأمره أن يملى على أولاده أحاديث فأملى عليهم أربعمائة حديث.
ومعلوم أن كلما أملي عليهم من هذه الأحاديث هو ما يروق القوم ولا يكون شئ من ذلك في فضل على أولاده عليهمالسلام ومن هنا أطراه علماؤهم ورفعوه فوق درجته بحيث تعجب ابن حجر من كثرة ما نشره من العلم. ومن تأمل في رسالة علي بن الحسين عليهماالسلام إليه لا يشك في كونه من رجال السياسة الذين أيدوا الجبابرة باعانتهم إياهم ومعيتهم معهم لوجاهتهم ومقبوليتهم عند الناس حيث يقول عليهالسلام في جملة ما كتب إليه : « واعلم أن أدنى ما كتمت وأخف ما احتملت أن آنست وحشة الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت و اجابتك له حين دعيت ، فما أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غدا مع الخونة ، وأن تسأل عما أخذت بإعانتك على ظلم الظلمة ، انك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك ، ودنوت ممن لا يرد على أحد حقا ، ولم ترد باطلا حين أدناك وأجبت من حاد الله سبحانه ، أو ليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسلما إلى ضلالتهم ، داعيا إلى غيهم ، سالكا سبيلهم ، يدخلون بك الشك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم ، فلم يبلغ أخص وزرائهم ، ولا أقوى أعوانهم الا دون ما بلغت من اصلاح فسادهم ، واختلاف الخاصة والعامة إليهم ، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك ـ إلى آخر ما نقله الحسن ابن علي بن شعبة الحراني في تحف العقول ».
ثم اعلم أن المصنف ـ رحمهالله ـ لم يحتج بخبر الزهري لبيان حكم من الأحكام إنما احتج بأخباره على المخالفين من طريق الجدل كاحتجاجه بخبره في بطلان العول فان المخالفين يقولون بصحته. وهذا دأبه ـ رحمهالله ـ في أكثر موارد الاختلاف ، وأما الطريق إليه ففيه القاسم بن محمد الأصبهاني المعروف بكاسام أو كاسولا وهو لم يكن بالمرضى.