(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). فأما قولُ العَرَبِ : بدأتُ بالحمدُ للهِ ، فإنما هو على الحكايةِ ، أى بدأتُ بقولى : الحمدُ للهِ ، وقد قُرِئ : الحمْدَ للهِ ـ على المصدرِ ، والحمدِ للهِ ـ على الإتْباعِ. قال « ثعلبٌ » : الحمدُ يكونُ عن يَدٍ وعن غيرِ يَدٍ ، والشكرُ لا يكونُ إلا عن يَدٍ ـ وسيأتى ذِكُره. وقال « اللِّحيانىُّ » : الحمدُ : الشُّكرُ ، فلم يفَرّق بينهما. وقد حَمِدَه حَمْداً ومَحْمَداً ومَحْمَدَةً ومَحْمِدًا ومَحْمِدَةٌ ـ نادرٌ ـ فهو محمودٌ وحَمِيدٌ ، والأنثى حَمِيدةٌ ، أدْخَلوا فيها الهاءَ وإن كان فى مَعنى مفعولٍ ، تَشبيهاً لها برشيدةٍ ، شبَّهوا ما هو فى معنى مفعولٍ بما هو فى معنى فاعلٍ لتَقارُبِ المعْنيين.
وحمَدَه وحَمِدَه وأحمَدَه ، كلُّه : وجَدَه محْموداً. وقولُه تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [الإسراء : ٧٩] قال « الزَّجَّاجُ » : الذى صحَّتْ به الأخبارُ فى المقامِ المحمودِ ، أنه الشَّفاعةُ.
وأحمَدَ الأرضَ : صادَفها حميدَةً ـ فهذه اللغةُ الفَصيحةُ ، وقد يُقالُ : حَمِدَها. وقال بعضُهم : أحمَدَ الرجُلَ ، إذا رَضِىَ فِعلَه ومذهَبَه ولم ينشُرْه للناسِ. « سيبويه » : حَمِدَه ، وجزاه وقضَاه حقَّه ، وأحمَدَه استَبان أنه مُستَحقّ للحَمدِ. قال « ابنُ الأعرابىِّ » : رجلٌ حَمْدٌ وامرأةٌ حَمْدٌ وحمْدَةٌ : محمودانِ ـ وُصِفا بالمصدَر كما قيل : رجلٌ عدْلٌ وامرأةٌ عَدْلٌ ـ ومنزِلٌ حَمْدٌ وأنشَدَ :
وكانتْ من الزَّوجاتِ يُؤمَنُ غَيْبُها |
|
وتَرْتادُ فيها العَينُ مُنْتَجعا حَمْداً (١) |
ومنزلةٌ حَمْدٌ ـ عن « اللِّحيانىّ ». وأحمَدَ الرجُلُ : فَعَل ما يُحْمَدُ عليه. وأحمَد أمْرَه : صار عنده محموداً. وطعامٌ ليست له مَحْمَدَةٌ ، أى لا يُحْمَدُ.
والتَّحميدُ : حمدُكَ اللهَ مرَّةً بعد مَرَّةٍ. وإنَّه لَحَمَّادٌ لله ومُحَمَّدٌ ـ هذا الاسمُ منه كأنه حُمِدَ مرَّةً بعد أخرى. وأحمَدُ إليك اللهَ : أشكُرُه عندكَ.
وقولُه فى صفةِ عُشْبٍ :
*طافتْ به فتحامَدَتْ ركْبانُه* (٢)
أى حَمِده بعضُهم عند بعضٍ. ومن كلامِهم : أحمَدُ إليك عسَلَ الإكليلِ ، أى أرْضاه.
* وحُمادَاك أن تفْعَلَ كذا وكذا ، أى غايتُك : وقال « اللِّحيانىّ » : حُماداكَ أن تَفْعل كذا ، وحمْدُك ، أى مبلغُ جُهْدِك. وقيل معناه : قُصَارُك. وحُمادَاكَ أن تنجوَ منه رأساً برأسٍ ، أى
__________________
(١) البيت بلا نسبة فى لسان العرب (حمد) ، والمخصص (١٧ / ٣٢) ؛ وتاج العروس (حمد).
(٢) الشطر بلا نسبة فى لسان العرب (حمد).