الخيل لا تقدم على
النبل .. إنّا لا نزال غالبين ما لبثتم مكانكم ، اللّهم اني أشهدك عليهم.
وللمرّة الأخيرة أوصاهم النبي :
ـ إن رأيتمونا تتخطفنا الطير فلا تبرحوا
مكانكم حتى أرسل اليكم ، وان رأيتمونا ظهرنا على القوم وأوطأناهم فلا تبر حوا حتى
أرسل اليكم ، وان رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا ، وان رأيتمونا نقتل فلا تغيثونا ولا
تدافعوا عنّا.
نظّم النبيّ قواته واضعاً في الخط
الأوّل رجالاً أولي بأس شديد بدا فيهم عليّ وحمزة وأبو دجانة وسعد بن الربيع ورجال
حملوا أرواحهم فوق الأكف ، كما خصّص كتيبة بقيادة المقداد للتنسيق مع الرماة في
صدّ هجوم محتمل قد يقوم به فرسان قريش.
تذكّر النبي رؤياه. عادت تتمثّل أمامه
من جديد .. رأى ابقاراً تسر الناظرين .. رآها تذبح فتشحط دماً عبيطاً ورأى في حدّ
سيفه ثلماً ...
تجمّعت في السماء النذر وبدت السيوف بين
الغبار بروقاً نزلت الى الأرض وشدّ أبو دجانة حول رأسه عصابة الموت كجرح يفور
وأدرك الذين رأوه أن الرجل قد اختار الموت طريقاً إلى الحياة.
الرجل الذي اختارته السماء رسولاً الى
الأرض يبلّغ رسالته :
ـ ما أعلم من عمل يقرّبكم الى الله إلاّ
وقد أمرتكم به ، ولا أعلم