من عبارات أئمّة الفن.
وأما ثانياً ، فلأن مقتضى هذا أن (واو) المعيّة (واو) العطف ، والمفعول معه معطوف عُدل به عمّا يقتضيه العطف لغرض. وفيه إخراج حرف العطف عن مقتضاه الوضعي بلا دليل ، وإبطال أثره مع بقاء الوضع ، وإلغاء للعامل بحسب الوضع على تقدير كونه عاملاً أو جزءَ عامل ، وإخراج للفعل السابق عن مقتضاه من العمل إن لم يكن ، أو اجتماع أثرين متنافيين من مؤثّرين في محلّ واحد هو المفعول معه ، أو صدور أثرين متنافيين دفعة من مؤثّر واحد على الخلاف في العامل في المعطوف والمفعول معه.
وأما ثالثاً ، فلأنه لا يبقى فرق ولا يتحقّق تنصيص حين كون المصاحب مفعولاً ولا يرد جواز الوجهين أعني : النصب والعطف في صورة واحدة إجماعاً ؛ لأنا لا نسلّم أن ذلك تركيب واحد ، بل هما تركيبان مختلفان بحسب الوضع.
قال البدر الدماميني بعد ما نقل كلام الرضيّ في (المنهل الصافي) ـ : (ويرد عليه نحو (سير والطريق) ؛ فإنه من صور المفعول معه ، فلا نزاع. وليس للطريق مشاركة للمخاطب في السير المأمور به.
وقد صرّح بعضهم بأن المراد بالمصاحبة هنا : المصاحبة المطلقة ، سواء لم يكن ثَمّ تشريك في الحكم ، كالمثال الذي أوردناه ، أو كان ثَمّ تشريك لكنه غير مقصود ، بل القصد إلى مطلق المصاحبة) ، إلى هنا كلام الدماميني.
وقال ابن مالك في ألفيّته :
يُنصب تألى الواو مفعولاً مَعَهْ |
|
في نحو (سيري والطريقَ مسرعهْ) (١) |
والتمثيل رمز وتكميل.
وقال ابنه بدر الدين عند كلامه على هذا البيت : (ينصب المفعول معه ، وهو الاسم المذكور بعد (واو) بمعنى (مع) أي دالّة على المصاحبة بلا تشريك في الحكم ـ
__________________
(١) شرح ألفيّة ابن مالك (ابن الناظم) : ٢٧٨ (المتن).