بين ظهوره وغيبته في وجوب هداية الخلق عليه وحفظه للشريعة ، فنور هدايته واصل [ إلى قلوب (١) ] شيعته ، خصوصاً نوّابه الّذين جعلهم الحجّة على الناس ، وأمرهم بالرجوع إليهم ، والأخذ عنهم. ولو كان الأمر كما هو ظاهر عبارته ، لكان كلّ من لم يرَ الإمام من أهل الآفاق في زمن الظهور في ضلالة ؛ إذ لا فرق بينهم وبين أهل زمن الغيبة.
ففوائدهم وهدايتهم وحفظهم للشريعة زمن ظهورهم وغيبتهم سواء من كلّ وجه ؛ إذ لو اختصّ وصول فوائدهم وهدايتهم إلينا بزمن الظهور ، لارتفع التكليف واندرست الشريعة وفني الخلق ؛ لارتفاع العامل بالحقّ ، وعدم فائدة وجود الحجّة في الأرض.
وأمّا أن ظُلمهم علينا أشدّ من ظلمهم على أهل البيت ، فضعفه ظاهر لكلّ ظلم وقع في العالم ، فهم عليهمالسلام المظلومون به بالأصالة ، فكلّ من ظلم في العالم فضلاً عن امّة محمَّد صلىاللهعليهوآله : فهو فرع ظلمهم وفاضله ، وتبع له. ينبّهك على هذا ما ورد عنهم في تشبيه نسبة شيعتهم منهم بورق الشجرة (٢) ، فهم الشجرة المباركة وشيعتهم ورقها ، فتنبه.
وقال المجلسي رحمهالله : في حاشية ( الصحيفة ) : ( تذنيب : وممّا يناسب هذا البحث ، حل إشكال يورد في اللعن على أعدائهم وسائر من يستحقّ اللعن ، وهو أنه هل يصير اللعن سبباً لزيادة عقابهم أم لا؟ وعلى [ الثاني (٣) ] يلزم أن يكون لغواً ، وعلى [ الأوّل (٤) ] يلزم أن يقاسوا من الشدائد والعذاب بفعل غيرهم ما لا يستحقونه.
ونختار في حله مسالك :
المسلك الأوّل أن نختار الشقّ الأوّل ، ويقال : الفائدة إظهار بغض أعداء الله ، وليس الغرض منه طلب العذاب ، بل محض إظهار عداوتهم ، فنستحق بذلك المثوبات العظيمة كما في ذكر كلمة التوحيد المخبر عمّا في الضمير من اعتقاد الحقّ.
__________________
(١) في المخطوط : ( أمد القلوب ).
(٢) بحار الأنوار ٢٤ : ١٣٦ ـ ١٤٣ / ب ٤٤.
(٣) في المخطوط : ( الأول ).
(٤) في المخطوط : ( الثاني ).