الفصل بعشرة أيّام (١) على الجواز ، فإنه لا يجب الإحرام ما لم يمضِ شهر من الإحلال وإن جاز بل استحبّ. وبهذا تجتمع الأخبار ويتحقّق العمل بجميعها.
وقيل (٢) : الشهر المعتبر في وجوب الإحرام للدخول هو زمن ما بين الإحرامين.
والذي يقتضيه النظر أنه بين الإحلال والإحرام ؛ لأن به يتحقّق زمن ما بين العمرتين ، وقد دلّت الأخبار على اعتبار فصل بقدر معلوم بين العمرتين وجوباً أو استحباباً أو رخصة ، وليس زمن ما بين الإهلالين أو الإحلالين زمن ما بين العمرتين ؛ لعدم تحقّق العمرة إلّا بكمال أفعالها وإحلال منها وإن كان الإحرام للدخول بعد مضيّ شهر من الإهلال الأوّل أحوط وأولى ؛ لتحقّق الإجماع واستفاضة الأخبار بوجوب الإحرام للدخول عدا ما استثناه الدليل. فيقين البراءة حينئذٍ يكون بالإحرام ؛ للإجماع حينئذٍ على يقين البراءة به.
والشهر المعتبر في وجوب الإحرام ثلاثون يوماً إن وقع الخروج في أثناء الشهر ؛ لأنه الأصل. وقد دلّت أخبار أشهر السياحة (٣) وغيرها (٤) على اعتبار المنكسر ثلاثين.
وهلالي إن وقع الخروج في أوّل جزء من أوّل ليلة من الشهر ؛ لأنه الشهر العرفي. وقد تقدّمت الإشارة إلى هذه في نظيره وحقّقناه في رسالة مفردة.
ويظهر من بعض عبارات الأصحاب أن الشهر المعتبر من حين الخروج من مكّة وإن طال الزمان بينه وبين الإحلال من النُّسُك الأوّل ، وهو ضعيف جدّاً ، وإن دلّ ظاهر بعض الأخبار عليه فإنها مؤوّلة بما إذا لم يكن بين الإحلال والإهلال شهر ، أو كان كما يشير إليه إن لكلّ شهر عمرة ، وغيره.
فيكون معنى إن رجع في الشهر الذي خرج فيه أي إذا كان الشهر الذي خرج فيه
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٧٨ / ١٣٦٣ ، وسائل الشيعة ١٤ : ٣٠٩ ، أبواب العمرة ، ب ٦ ، ح ٩.
(٢) الحدائق الناضرة ١٦ : ٣١٨.
(٣) انظر تفسير العيّاشي ٢ : ٧٩ ـ ٨١ / ح ٢ ـ ١٠.
(٤) وسائل الشيعة ١٠ : ٢٦١ ، أبواب أحكام شهر رمضان ، ب ٥.