يخاطب به من وجب ذكره قبله ، وهو مَنْ لا يغيب عنه أحد من الخلق ، فإنه سبيل جميع الخلق إلى الله ومَنْ إليه إيابهم وعليه حسابهم. والمأموم ، فإنه قد ربط صلاته بصلاة الإمام ، وهو من شفعائه إلى الله فيها ، فيلزم الإمام الشفاعة له بالسلامة فيها باللفظ ، كما أنه شفيعه فيها بالمعنى. ثمّ بعدهما من ذكر من عباد الله الصالحين من النبيّين والمرسلين والملائكة ، خصوصاً الكرام الكاتبين.
ومثل ما رواه الصدوق : في ( العلل ) بسنده عن المفضّل بن عمر : قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : عن العلّة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة ، فقال لأنه تحليل الصلاة.
قلت : فلأيّ علّة يسلّم على اليمين ولا يسلّم على نبيّنا قال لأن الملك الموكّل الذي يكتب الحسنات على اليمين ، والذي يكتب السيّئات على اليسار ، والصلاة حسنات ليس فيها سيّئات ، فلها يسلِّم على اليمين دون اليسار.
قلت : فَلِمَ لا يقال : السلام عليك ، والملك على اليمين واحد ، ولكن يقال السلام عليكم؟.
قال ليكون قد سلّم عليه وعلى مَنْ على اليسار ، وفضّل صاحب اليمين عليه بالإيماء إليه.
قلت : فَلِمَ لا يكون الإيماء في التسليم بالوجه كلّه ، ولكن كان بالأنف لمن يصلّي وحده ، وبالعين لمن يصلّي بقوم؟ قال لأن مقعد الملكين من ابن آدم الشِّدْقَيْنِ (١) ، فصاحب اليمين على الشِّدْقِ الأيمن ، وتسليم المصلّي عليه ليثبت له صلاته في صحيفته.
قلت : فَلِمَ يسلّم المأموم ثلاثاً؟ قال تكون واحدة ردّاً على الإمام ، وتكون عليه وعلى ملائكته. وتكون الثانية على مَنْ على يمينه ، والملكين الموكّلين به. وتكون الثالثة على مَنْ على يساره وملائكته الموكّلين به ، ومَنْ لم يكن على يساره أحد لم يسلِّم على يساره ، إلّا أنْ يكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى المصلِّي معه خلف الإمام فيسلّم على يساره.
__________________
(١) الشِّدْقُ : جانب الفمّ. لسان العرب ٧ : ٥٨ شدق.